الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ***
فوائد: [متفرقة في الجهاد] الْأُولَى لو سَأَلُوهُ أَنْ يُنْزِلَهُمْ على حُكْمِ اللَّهِ لَزِمَهُ أَنْ يُنْزِلَهُمْ وَيُخَيَّرَ فِيهِمْ كَالْأَسْرَى فَيُخَيَّرُ بين الْقَتْلِ وَالرِّقِّ وَالْمَنِّ وَالْفِدَاءِ وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وقال في الْوَاضِحِ يُكْرَهُ وقال في الْمُبْهِجِ لَا يُنْزِلُهُمْ لِأَنَّهُ كَإِنْزَالِهِمْ بِحُكْمِنَا ولم يَرْضَوْا بِهِ. الثَّانِيَةُ لو كان في الْحِصْنِ من لَا جِزْيَةَ عليه فَبَذَلَهَا لِعَقْدِ الذِّمَّةِ عُقِدَتْ مَجَّانًا وَحَرُمَ رِقُّهُ. الثَّالِثَةُ لو جَاءَنَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَأُسِرَ سَيِّدُهُ أو غَيْرُهُ فَهُوَ حُرٌّ وَلِهَذَا لَا نَرُدُّهُ في هُدْنَةٍ قَالَهُ في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وَالْكُلُّ له وَإِنْ أَقَامَ بِدَارِ حَرْبٍ فَرَقِيقٌ وَلَوْ جاء مَوْلَاهُ مُسْلِمًا بَعْدَهُ لم يُرَدَّ إلَيْهِ وَلَوْ جاء قَبْلَهُ مسلما ثُمَّ جاء الْعَبْدُ مُسْلِمًا فَهُوَ لِسَيِّدِهِ وَإِنْ خَرَجَ عَبْدٌ إلَيْنَا بِأَمَانٍ أو نَزَلَ من حِصْنٍ فَهُوَ حُرٌّ نَصَّ على ذلك قال وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ في حَقٍّ غَنِيمَةٌ فَلَوْ هَرَبَ إلَى الْعَدُوِّ ثُمَّ جاء بِأَمَانٍ فَهُوَ لِسَيِّدِهِ وَالْمَالُ لنا. بَابُ ما يَلْزَمُ الْإِمَامَ وَالْجَيْشَ. قَوْلُهُ يَلْزَمُ الْإِمَامَ فِعْلُ كَذَا الخ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ.
فائدة: قَوْلُهُ فَمَنْ لَا يَصْلُحُ لِلْحَرْبِ يَمْنَعُهُ من الدُّخُولِ وَيَمْنَعُ الْمُخَذِّلَ وَالْمُرْجِفَ. فَالْمُخَذِّلُ هو الذي يُقْعِدُ غَيْرَهُ عن الْغَزْوِ. وَالْمُرْجِفُ هو الذي يحدث بِقُوَّةِ الْكُفَّارِ وَكَثْرَتِهِمْ وَضَعْفِ غَيْرِهِمْ. وَيَمْنَعُ أَيْضًا من يُكَاتِبُ بِأَخْبَارِ الْمُسْلِمِينَ وَمَنْ يَرْمِي بَيْنَهُمْ بِالْفِتَنِ وَمَنْ هو مَعْرُوفٌ بِنِفَاقٍ وَزَنْدَقَةٍ. وَيَمْنَعُ أَيْضًا الصَّبِيَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وقال في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمْ يَمْنَعُ الطِّفْلَ زَادَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَيَجُوزُ أَنْ يَأْذَنَ لِمَنْ اشْتَدَّ من الصِّبْيَانِ.
تنبيهان: أَحَدُهُمَا ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَيَمْنَعُ الْمُخَذِّلَ أَنَّهُ لَا يَصْحَبُهُمْ وَلَوْ لِضَرُورَةٍ وهو صَحِيحٌ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ يَصْحَبُهُمْ لِضَرُورَةٍ. الثَّانِي ظَاهِرٌ قَوْلُهُ وَيَمْنَعُ النِّسَاءَ إلَّا طَاعِنَةً في السِّنِّ لِسَقْيِ الْمَاءِ وَمُعَالَجَةِ الْجَرْحَى. مَنَعَ غير ذلك من النِّسَاءِ وهو صَحِيحٌ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ. وقال بَعْضُ الْأَصْحَابِ لَا تُمْنَعُ امْرَأَةُ الْأَمِيرِ لِحَاجَتِهِ كَفِعْلِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم منهم الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ.
تنبيه: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمَنْعَ من ذلك على سَبِيلِ التَّحْرِيمِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وَجَزَمَ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ أَنَّهُ يُكْرَهُ دُخُولُ الشَّابَّةِ من النِّسَاءِ أَرْضَ الْعَدُوِّ وَجَوَّزُوا لِلْأَمِيرِ خَاصَّةً أَنْ يَدْخُلَ بِالْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ إذَا احْتَاجَ إلَيْهَا. قَوْلُهُ وَلَا يَسْتَعِينُ بِمُشْرِكٍ إلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ. هذا قَوْلُ جَمَاعَةٍ من الْأَصْحَابِ أَعْنِي قَوْلَهُ إلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ منهم صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْبُلْغَةِ. وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَحْرُمُ الِاسْتِعَانَةُ بِهِمْ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ جَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ. وَعَنْهُ يَجُوزُ مع حُسْنِ رَأْيٍ فِينَا وَجَزَمَ بِهِ في الْبُلْغَةِ. زَادَ جَمَاعَةٌ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ إنْ قَوِيَ جَيْشُهُ عليهم وَعَلَى الْعَدُوِّ لو كَانُوا معه. وفي الْوَاضِحِ رِوَايَتَانِ الْجَوَازُ وَعَدَمُهُ بِلَا ضَرُورَةٍ وَبَنَاهُمَا على الْإِسْهَامِ له قَالَهُ في الْفُرُوعِ كَذَا قال. وقال في الْبُلْغَةِ يَحْرُمُ إلَّا لِحَاجَةٍ كحسن [لحسن] الظَّنِّ قال وَقِيلَ إلَّا لِضَرُورَةٍ. وَأَطْلَقَ أبو الْحُسَيْنِ وَغَيْرُهُ أَنَّ الرِّوَايَةَ لَا تَخْتَلِفُ أَنَّهُ لَا يُسْتَعَانُ بِهِمْ وَلَا يُعَاوِنُونَ. وَأَخَذَ الْقَاضِي من تَحْرِيمِ الِاسْتِعَانَةِ تَحْرِيمَهَا في الْعِمَالَةِ وَالْكِتَابَةِ. وَسَأَلَهُ أبو طَالِبٍ عن مِثْلِ الْخَرَاجِ فقال لَا يُسْتَعَانُ بِهِمْ في شَيْءٍ. وَأَخَذَ الْقَاضِي منه أَنَّهُ لَا يَجُوزُ كَوْنُهُ عَامِلًا في الزَّكَاةِ. قال في الْفُرُوعِ فَدَلَّ على أَنَّ الْمَسْأَلَةَ على رِوَايَتَيْنِ قال وَالْأَوْلَى الْمَنْعُ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا يَعْنِي الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ وَغَيْرُهُ أَيْضًا لِأَنَّهُ يَلْزَمُ منه مَفَاسِدُ أو يُفْضِي إلَيْهَا فَهُوَ أَوْلَى من مَسْأَلَةِ الْجِهَادِ. وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ من تَوَلَّى منهم دِيوَانًا لِلْمُسْلِمِينَ اُنْتُقِضَ عَهْدُهُ لِأَنَّهُ يُنَافِي الصَّغَارَ وقال في الرِّعَايَةِ يُكْرَهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ. وَتَحْرُمُ الِاسْتِعَانَةُ بِأَهْلِ الْأَهْوَاءِ في شَيْءٍ من أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ فيه أَعْظَمَ الضَّرَرِ وَلِأَنَّهُمْ دُعَاةٌ بِخِلَافِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى نَصَّ على ذلك.
تنبيه: قَوْلُهُ ولا يَسْتَعِينُ بِمُشْرِكٍ يَعْنِي يَحْرُمُ إلَّا بِشَرْطِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ يُكْرَهُ.
فائدة: قَوْلُهُ وَيَعْقِدُ لهم الْأَلْوِيَةَ وَالرَّايَاتِ. الْمُسْتَحَبُّ في الْأَلْوِيَةِ أَنْ تَكُونَ بَيْضَاءَ لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ إذَا نَزَلَتْ بِالنَّصْرِ نَزَلَتْ مُسَوَّمَةً بها نَقَلَهُ حَنْبَلٌ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ. وقال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ يَعْقِدُ لهم الْأَلْوِيَةَ وَالرَّايَاتِ بِأَيِّ لَوْنٍ شَاءَ. قَوْلُهُ وَيَجْعَلُ لِكُلِّ طَائِفَةٍ شِعَارًا يَتَدَاعَوْنَ بِهِ عِنْدَ الْحَرْبِ وَيَتَخَيَّرُ لهم الْمَنَازِلَ وَيَتَتَبَّعُ مَكَامِنَهَا فَيَحْفَظُهَا وَيَبْعَثُ الْعُيُونَ على الْعَدُوِّ حتى لَا يَخْفَى عليه أَمْرُهُمْ وَيَمْنَعُ جَيْشَهُ من الْمَعَاصِي وَالْفَسَادِ وَيَعِدُ ذَا الصَّبْرِ بِالْأَجْرِ وَالنَّفَلِ وَيُشَاوِرُ ذَا الرَّأْيِ وَيَصُفُّ جَيْشَهُ وَيَجْعَلُ في كل جَنْبَةٍ كُفُوًا وَلَا يَمِيلُ مع قَرِيبِهِ وَذَوِي مَذْهَبِهِ على غَيْرِهِ بِلَا نِزَاعٍ. وَيَجُوزُ أَنْ يَبْذُلَ جُعْلًا لِمَنْ يَدُلُّهُ على طَرِيقٍ أو قَلْعَةٍ أو مَاءٍ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا إلَّا أَنْ يَكُونَ من مَالِ الْكُفَّارِ فَيَجُوزُ مَجْهُولًا فَإِنْ جَعَلَ له جَارِيَةً منهم فَمَاتَتْ قبل الْفَتْحِ فَلَا شَيْءَ له بِلَا نِزَاعٍ. قَوْلُهُ وَإِنْ أَسْلَمَتْ قبل الْفَتْحِ فَلَهُ قيمتها [قيمها] وَإِنْ أَسْلَمَتْ بَعْدَهُ سُلِّمَتْ إلَيْهِ. وَكَذَا إنْ أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ وَهِيَ أَمَةٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ كافرا [كافر] فَلَهُ قِيمَتُهَا بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ لو أَسْلَمَ بَعْدَ ذلك فَفِي جَوَازِ رَدِّهَا إلَيْهِ احْتِمَالَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ. قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَصَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمْ أنها لَا تُرَدُّ إلَيْهِ لِاقْتِصَارِهِمْ على إعْطَاءِ قِيمَتِهَا. قَوْلُهُ وَإِنْ فُتِحَتْ صُلْحًا ولم يَشْتَرِطُوا الْجَارِيَةَ فَلَهُ قِيمَتُهَا بِلَا نِزَاعٍ. فَإِنْ أَبَى إلَّا الْجَارِيَةَ وَامْتَنَعُوا من بَذْلِهَا فُسِخَ الصُّلْحُ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. قال في الْفُرُوعِ فَسْخُ الصُّلْحِ في الْأَشْهَرِ. قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَكُونَ له إلَّا قِيمَتُهَا وهو وَجْهٌ لِبَعْضِ الْأَصْحَابِ وَصَحَّحَهُ في الْمُحَرَّرِ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّارِحِ وَقَوَّاهُ. قُلْت هو الصَّوَابُ. وَظَاهِرُ نَقْل ابن هَانِئٍ أنها لِمَنْ سَبَقَ حَقُّهُ وَلِرَبِّ الْحِصْنِ الْقِيمَةُ.
فائدة: لو بُذِلَتْ له الْجَارِيَةُ مَجَّانًا أو بِالْقِيمَةِ لَزِمَهُ أَخْذُهَا وَإِعْطَاؤُهَا له وَالْمُرَادُ إذَا كانت غير حَرَّةِ الْأَصْلِ وَإِلَّا فَقِيمَتُهَا. قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يُنَفِّلَ في الْبَدْأَةِ الرُّبُعَ بَعْدَ الْخُمُسِ وفي الرَّجْعَةِ الثُّلُثَ بَعْدَهُ وَذَلِكَ إذَا دخل الْجَيْشُ بَعَثَ سَرِيَّةً تُغِيرُ وإذا رَجَعَ بَعَثَ أُخْرَى فما أَتَتْ بِهِ أَخْرَجَ خُمُسَهُ وَأَعْطَى السَّرِيَّةَ ما جُعِلَ لها وَقَسَمَ الْبَاقِيَ في الْجَيْشِ وَالسَّرِيَّةِ مَعًا. الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ السَّرِيَّةَ لَا تَسْتَحِقُّ النَّفَلَ الْمَذْكُورَ إلَّا بِشَرْطٍ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْكَافِي وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وَعَنْهُ تَسْتَحِقُّهُ من غَيْرِ شَرْطٍ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالزَّرْكَشِيِّ. وَجَوَازُ إعْطَاءِ النَّفْلِ من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ.
فائدة: يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ لِمَنْ عَمِلَ ما فيه عَنَاءٌ جُعْلًا كَمَنْ نَقَبَ أو صَعِدَ هذا الْمَكَانَ أو جاء بِكَذَا فَلَهُ من الْغَنِيمَةِ أو من الذي جاء بِهِ كَذَا ما لم يُجَاوِزْ ثُلُثَ الْغَنِيمَةِ بَعْدَ الْخُمُسِ نَصَّ عليه. وَيَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَهُ ذلك من غَيْرِ شَرْطٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَعَنْهُ لَا يعطى إلَّا بِشَرْطٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ. وَيَحْرُمُ تَجَاوُزُهُ الثُّلُثَ في هذا وفي النَّفْلِ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا وَنَصَرَاهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ . وَعَنْهُ يَحْرُمُ بِلَا شَرْطٍ فَقَطْ صَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ. قَوْلُهُ فَإِنْ دَعَا كَافِرٌ إلَى الْبِرَازِ اُسْتُحِبَّ لِمَنْ يَعْلَمُ من نَفْسِهِ الْقُوَّةَ وَالشُّجَاعَةَ مُبَارَزَتُهُ بِإِذْنِ الْأَمِيرِ. هذا الْمَذْهَبُ أَعْنِي تَحْرِيمَ الْمُبَارَزَةِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ بَلْ هو كَالصَّرِيحِ وَنَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالنَّظْمِ قال نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ. بِغَيْرِ إذْنٍ تَحْرُمُ الْمُبَارَزَةُ *** فَالسَّلْبُ الْمَشْهُورُ لَيْسَتْ جَائِزَةً وَعَنْهُ يُكْرَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ حَكَاهَا الْخَطَّابِيُّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في الْمُغْنِي فإنه قال يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَأْذِنَ الْأَمِيرَ في الْمُبَارَزَةِ إذَا أَمْكَنَ. وقال في الْفُصُولِ في اللِّبَاسِ وَهَلْ تُسْتَحَبُّ الْمُبَارَزَةُ ابْتِدَاءً لِمَا فيها من كَسْرِ قُلُوبِ الْمُشْرِكِينَ أَمْ تُكْرَهُ لِئَلَّا تَنْكَسِرَ قُلُوبُ الْمُؤْمِنِينَ فيه احْتِمَالَانِ. وقال الشَّارِحُ الْمُبَارَزَةُ تَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ. إحْدَاهَا مُسْتَحَبَّةٌ وَهِيَ مَسْأَلَةُ المصنف [الصنف]. وَالثَّانِيَةُ مُبَاحَةٌ وَهِيَ أَنْ يَبْتَدِئَ الشُّجَاعُ فَيَطْلُبَهَا فَتُبَاحُ وَلَا تُسْتَحَبُّ. قُلْت في الْبُلْغَةِ إنَّهَا تُسْتَحَبُّ أَيْضًا. الثَّالِثَةُ مَكْرُوهَةٌ وَهِيَ أَنْ يَبْرُزَ الضَّعِيفُ الذي لَا يَثِقُ من نَفْسِهِ فَتُكْرَهُ له. قَوْلُهُ فَإِنْ شَرَطَ الْكَافِرُ أَنْ لَا يُقَاتِلَهُ غَيْرُ الْخَارِجِ إلَيْهِ فَلَهُ شَرْطُهُ. وَكَذَلِكَ لو كانت الْعَادَةُ كَذَلِكَ فَإِنْ انْهَزَمَ الْمُسْلِمُ أو أُثْخِنَ بِالْجِرَاحِ جَاز الدَّفْعُ عنه. قال في الْفُرُوعِ فَإِنْ انْهَزَمَ الْمُسْلِمُ أو الْكَافِرُ وفي الْبُلْغَةِ أو أُثْخِنَ فَلِكُلِّ مُسْلِمٍ الدَّفْعُ عنه وَالرَّمْيُ. وقال في الرِّعَايَةِ وَإِنْ انْهَزَمَ الْمُسْلِمُ أو أُثْخِنَ بِالْجِرَاحِ أو عَجَزَ وَقِيلَ أو ظَهَرَ الْكَافِرُ عليه فَلِكُلِّ مُسْلِمٍ الدَّفْعُ عنه وَالرَّمْيُ وَالْقِتَالُ. وَقِيلَ إنْ عَادَ أَحَدُهُمَا مُثْخَنًا أو مُخْتَارًا جَازَ رَمْيُ الْكَافِرِ انْتَهَى. قَوْلُهُ وَإِنْ قَتَلَهُ الْمُسْلِمُ فَلَهُ سَلَبُهُ وَكُلُّ من قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ غَيْرُ مَحْبُوسٍ. هذا الْمَذْهَبُ بِشَرْطِهِ وَسَوَاءٌ شَرَطَهُ له الْإِمَامُ أَمْ لَا نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَسَوَاءٌ كان الْقَاتِلُ من أَهْلِ الْإِسْهَامِ أو الْإِرْضَاخِ حتى الْكَافِرِ صَرَّحَ بِهِ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ وَقَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. قال الزَّرْكَشِيُّ يَسْتَحِقُّهُ سَوَاءٌ شَرَطَهُ له الْإِمَامُ أو لَا على الْمَنْصُوصِ الْمَشْهُورِ وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ. وَعَنْهُ لَا يَسْتَحِقُّهُ إلَّا أَنْ يَشْرِطَهُ وَجَزَمَ بِه ابن رزين في نِهَايَتِهِ وَنَاظِمُهَا وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ وَصَاحِبُ الطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ. وَعَنْهُ يُعْتَبَرُ أَيْضًا إذْنُ الْإِمَامِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ نَاظِمِ الْمُفْرَدَاتِ كما تَقَدَّمَ لَفْظُهُ قال ابن أبي مُوسَى أَظْهَرُهُمَا أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ. وَقِيلَ لَا يَسْتَحِقُّهُ من كان من أَهْلِ الرَّضْخِ.
فائدة: لو بَارَزَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَقَتَلَ قَتِيلًا لم يَسْتَحِقَّ سَلَبَهُ لِأَنَّهُ عَاصٍ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ. قال وَكَذَلِكَ كُلُّ عَاصٍ دخل بِغَيْرِ إذْنٍ. وَعَنْهُ فيه يُؤْخَذُ منه الْخُمُسُ وَبَاقِيهِ له قال وَيَخْرُجُ في الْعَبْدِ مِثْلُهُ. قَوْلُهُ إذَا قَتَلَهُ حَالَ الْحَرْبِ مُنْهَمِكًا على الْقِتَالِ غير مُثْخَنٍ وَغَرَّرَ بِنَفْسِهِ في قَتْلِهِ. وَكَذَا لو أَثْخَنَ الْكَافِرُ بِالْجِرَاحِ بِلَا نِزَاعٍ. وَمِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَقْتُلَهُ أو يُثْخِنَهُ في حَالِ امْتِنَاعِهِ وهو مُقْبِلٌ فَإِنْ قَتَلَهُ وهو مُشْتَغِلٌ بِأَكْلٍ وَنَحْوِهِ أو وهو مُنْهَزِمٌ لم يَسْتَحِقَّ السَّلَبَ نَصَّ عليه. وقال في التَّرْغِيبِ وَالْبُلْغَةِ فَإِنْ كان مُنْهَزِمًا إلَّا لِانْحِرَافٍ أو لِتَحَيُّزٍ لم يَسْتَحِقَّ السَّلَبَ. وقال الْمُصَنِّفُ إذَا انْهَزَمَ وَالْحَرْبُ قَائِمَةٌ فَأَدْرَكَهُ وَقَتَلَهُ فَسَلَبُهُ له لِقِصَّةِ سَلَمَةَ بن الْأَكْوَعِ رضي اللَّهُ عنه. وَقَوْلُهُ حَالَ الْحَرْبِ هَكَذَا قال الْأَصْحَابُ. قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في هذا نَظَرٌ فإن في حديث بن الْأَكْوَعِ كان الْمَقْتُولُ مُنْفَرِدًا وَلَا قِتَالَ هُنَاكَ بَلْ كان الْمَقْتُولُ قد هَرَبَ منهم.
تنبيه: شَمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ لو قَتَلَ صَبِيًّا أو امْرَأَةً إذَا قَاتَلَا وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ لَا يَسْتَحِقُّ سَلَبَهَا وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَالرِّعَايَةِ.
فائدة: يُشْتَرَطُ في مُسْتَحِقِّ السَّلَبِ إمَّا أَنْ يَكُونَ من أَهْلِ الْمَغْنَمِ حُرًّا كان أو عَبْدًا رَجُلًا كان أو صَبِيًّا أو امْرَأَةً فَلَوْ كان ليس له حَقٌّ كَالْمُخَذِّلِ وَالْمُرْجِفِ قال في الْكَافِي وَالْكَافِرُ إذَا حَضَرَ بِغَيْرِ إذْنٍ لم يَسْتَحِقَّ السَّلَبَ وَتَقَدَّمَ كَلَامُ النَّاظِمِ في الْكَافِرِ. قَوْلُهُ وَإِنْ قَطَعَ أَرْبَعَتَهُ وَقَتَلَهُ آخَرُ فَسَلَبُهُ لِلْقَاطِعِ بِلَا نِزَاعٍ. قَوْلُهُ وَإِنْ قَتَلَهُ اثْنَانِ فَسَلَبُهُ غَنِيمَةٌ. هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ حَرْبٍ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ. قال الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ هذا الْمَنْصُوصُ. وقال الْآجُرِّيُّ وَالْقَاضِي سَلَبُهُ لَهُمَا. وقال الْمُصَنِّفُ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ إنْ كانت ضَرْبَةُ أَحَدِهِمَا أَبْلَغَ كان السَّلَبُ له وَإِلَّا كان غَنِيمَةً.
فائدة: لو قَتَلَهُ أَكْثَرُ من اثْنَيْنِ فَسَلَبُهُ غَنِيمَةٌ بِطَرِيقِ أَوْلَى. وَقِيلَ سَلَبُهُ لِقَاتِلِهِ. قَوْلُهُ وَإِنْ أَسْرَهُ فَقَتَلَهُ الْإِمَامُ فَسَلَبُهُ غَنِيمَةٌ. وَكَذَا إنْ رَقَّهُ الْإِمَامُ أو فَدَاهُ وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وقال الْقَاضِي هو لِمَنْ أَسَرَهُ. قَوْلُهُ وَإِنْ قَطَعَ يَدَهُ وَرِجْلَهُ وَقَتَلَهُ آخَرُ فَسَلَبُهُ غَنِيمَةٌ. هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ. قال الزَّرْكَشِيُّ الْمَنْصُوصُ أَنَّهُ غَنِيمَةٌ. وَقِيلَ هو لِلْقَاتِلِ وَقِيلَ هو لِلْقَاطِعِ وَأَطْلَقَهُنَّ الزَّرْكَشِيُّ.
فائدة: حُكْمُ من قَطَعَ يَدَيْهِ أو رِجْلَيْهِ حُكْمُ من قَطَعَ يَدَهُ وَرِجْلَهُ خِلَافًا وَمَذْهَبًا قَالَهُ الْأَصْحَابُ.
تنبيه: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لو قَطَعَ يَدَهُ وَرِجْلَهُ وَقَتَلَهُ آخَرُ أَنَّ سَلَبَهُ لِلْقَاتِلِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ هو غَنِيمَةٌ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَحَكَى الْأَوَّلَ احْتِمَالًا. وَجَزَمَ بِأَنَّهُ غَنِيمَةٌ في الْكَافِي وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ.
. قَوْلُهُ وَالسَّلَبُ ما كان عليه من ثِيَابٍ وحلى وَسِلَاحٍ وَالدَّابَّةُ بِآلَتِهَا. يَعْنِي التي قَاتَلَ عليها هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. قال الزَّرْكَشِيُّ هذا أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْخَلَّالُ. وَعَنْهُ أَنَّ الدَّابَّةَ وَآلَتَهَا لَيْسَتْ من السَّلَبِ. وَقِيلَ هِيَ غَنِيمَةٌ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ قال في الْكَافِي وَاخْتَارَهُ الْخَلَّالُ. قال الزَّرْكَشِيُّ لَا يَغُرَّنَّكَ قَوْلُ أبي مُحَمَّدٍ في الْكَافِي أَنَّهُ اخْتِيَارُ الْخَلَّالِ فإنه وَهْمٌ. وقال في التَّبْصِرَةِ حِلْيَةُ الدَّابَّةِ لَيْسَتْ من السَّلَبِ بَلْ هِيَ غَنِيمَةٌ. وَعَنْهُ أَنَّهُ قال في السَّيْفِ لَا أَدْرِي.
تنبيه: مُرَادُهُ بِدَابَّتِهِ الدَّابَّةُ التي قَاتَلَ عليها على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ أو كان آخِذًا بِعِنَانِهَا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. قَوْلُهُ وَنَفَقَتُهُ وَخَيْمَتُهُ وَرَحْلُهُ. هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَالرِّوَايَتَيْنِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ أَنَّهُ من السَّلَبِ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت وَكَذَا حَقِيبَتُهُ الْمَشْدُودَةُ على فَرَسِهِ. وَقِيلَ فِيمَا معه من دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ رِوَايَتَانِ. قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ الْغَزْوُ إلَّا بِإِذْنِ الْأَمِيرِ إلَّا أَنْ يَفْجَأَهُمْ عَدُوٌّ يَخَافُونَ كَلْبَهُ. هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وقال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي يَجُوزُ إذَا حَصَلَ لِلْمُسْلِمِينَ فُرْصَةٌ يَخَافُ فَوْتَهَا وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالنَّظْمِ. وقال في الرَّوْضَةِ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عن أَحْمَدَ فَعَنْهُ لَا يَجُوزُ وَعَنْهُ يَجُوزُ بِكُلِّ حَالٍ ظاهر [ظاهرا] أو [وخفية] خفية جَمَاعَةً وَآحَادًا جَيْشًا أو سَرِيَّةً. وقال الْقَاضِي في الْخِلَافِ الْغَزْوُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقِيمَهُ كُلُّ أَحَدٍ على الِانْفِرَادِ وَلَا دُخُولُ دَارِ الْحَرْبِ بِلَا إذْنِ الْإِمَامِ وَلَهُمْ فِعْلُ ذلك إذَا كَانُوا عُصْبَةً لهم مَنَعَةٌ. قَوْلُهُ فَإِنْ دخل قَوْمٌ لَا مَنَعَةَ لهم دَارَ الْحَرْبِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَغَنِمُوا فَغَنِيمَتُهُمْ فَيْءٌ. هذا الْمَذْهَبُ وَسَوَاءٌ كَانُوا قَلِيلِينَ أو كَثِيرِينَ حتى وَلَوْ كان وَاحِدًا أو عَبْدًا جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْخُلَاصَةِ. وَعَنْهُ هِيَ لهم بَعْدَ الْخُمُسِ اخْتَارَهَا الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ. وَعَنْهُ هِيَ لهم من غَيْرِ تَخْمِيسٍ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ. فَعَلَى الثَّانِيَةِ فِيمَا أَخَذُوهُ بِسَرِقَةٍ مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ قَالَهُ في الْفُرُوعِ. وقال في الْبُلْغَةِ فِيمَا أَخَذُوهُ بِسَرِقَةٍ وَاخْتِلَاسٍ الرِّوَايَاتُ الثلاث [الثلاثة] الْمُتَقَدِّمَةُ وَمَعْنَاهُ في الرَّوْضَةِ.
تنبيه: مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْقَوْمَ الَّذِينَ دَخَلُوا لو كان لهم مَنَعَةٌ لم يَكُنْ ما غَنِمُوا فَيْئًا وهو رِوَايَةٌ عن أَحْمَدَ يَعْنِي أَنَّهُ غَنِيمَةٌ فَيُخَمَّسُ. قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَهِيَ أَصَحُّ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وَعَنْهُ أَنَّهُ فَيْءٌ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وقال الشَّارِحُ وَيَخْرُجُ فيه وَجْهٌ كَالرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ. وقال في الْفُرُوعِ وَقِيلَ الرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ هُنَا أَيْضًا. وَاخْتَارَ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى هذا الْوَجْهَ يَعْنِي أَنَّهُ لهم من غَيْرِ تَخْمِيسٍ وَقَدَّمَهُ في الْحَاوِيَيْنِ. قَوْلُهُ وَمَنْ أَخَذَ من دَارِ الْحَرْبِ طَعَامًا أو عَلَفًا فَلَهُ أَكْلُهُ وَعَلَفُ دَابَّتِهِ بِغَيْرِ إذْنٍ. وَلَوْ كانت لِلتِّجَارَةِ. وَعَنْهُ لَا يَعْلِفُ من الدَّوَابِّ إلَّا الْمُعَدَّ لِلرُّكُوبِ ذَكَرَهُ في الْقَوَاعِدِ وَأَطْلَقَهُمَا وَلَوْ كان غير مُحْتَاجٍ إلَيْهِ على أَشْهَرِ الطَّرِيقَتَيْنِ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ. وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَهِيَ طَرِيقَةُ بن أبي مُوسَى. وَكَذَا له أَنْ يُطْعِمَ سَبْيًا اشْتَرَاهُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُحْرِزَ فَإِنْ أَحْرَزَ بِدَارِ حَرْبٍ فَلَيْسَ له ذلك على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ. وَقِيلَ له ذلك وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ. وَعَنْهُ يَرُدُّ قِيمَتَهُ كُلِّهِ ذَكَرَهَا بن أبي مُوسَى.
فائدة: لَا يَجُوزُ أَنْ يُطْعِمَ الْفَهْدَ وَكَلْبَ الصَّيْدِ وَالْجَارِحَ من ذلك وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ يَجُوزُ ذَكَرَهُ في الْقَاعِدَةِ الْحَادِيَةِ وَالسَّبْعِينَ وَأَطْلَقَهُمَا. قَوْلُهُ وَلَيْسَ له بَيْعُهُ فَإِنْ بَاعَهُ رَدَّ ثَمَنَهُ في الْمَغْنَمِ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. قال الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ في الْكَافِي لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَبِيعَهُ من غَازٍ أو غَيْرِهِ. فَإِنْ بَاعَهُ لِغَيْرِهِ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ فَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ رَدَّ قِيمَتَهُ أو ثَمَنَهُ إنْ كان أَكْثَرَ من قِيمَتِهِ وَإِنْ بَاعَهُ لِغَازٍ لم يَخْلُ إمَّا أَنْ يَبْذُلَهُ بِطَعَامٍ أو عَلَفٍ مِمَّا له الإنتفاع بِهِ أو بِغَيْرِهِ فَإِنْ بَاعَهُ بمثله فَلَيْسَ هذا بَيْعًا في الْحَقِيقَةِ إنَّمَا سَلَّمَ إلَيْهِ مُبَاحًا وَأَخَذَ مُبَاحًا مثله. فَعَلَى هذا لو بَاعَ صَاعًا بِصَاعَيْنِ أو افْتَرَقَا قبل الْقَبْضِ جَازَ وَإِنْ بَاعَهُ نَسِيئَةً أو أَقْرَضَهُ إيَّاهُ فَأَخَذَهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ إبْقَاؤُهُ. وَإِنْ بَاعَهُ بِغَيْرِ الطَّعَامِ وَالْعَلَفِ فَالْبَيْعُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَيَصِيرُ الْمُشْتَرِي أَحَقَّ بِهِ وَلَا ثَمَنَ عليه وَإِنْ أَخَذَهُ منه وَجَبَ رَدُّهُ إلَيْهِ انْتَهَى. قَوْلُهُ وَإِنْ فَضَلَ معه شَيْءٌ فَأَدْخَلَهُ الْبَلَدَ رَدَّهُ في الْغَنِيمَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا فَلَهُ أَكْلُهُ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. نَصَّ عليه في رِوَايَةِ بن إبْرَاهِيمَ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الأدمى وَالْعُمْدَةِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَلْزَمُهُ رَدُّهُ في الْمَغْنَمِ نَصَّ عليهما في رِوَايَةِ أبي طَالِبٍ وَهِيَ الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ الْخَلَّالُ وأبو بَكْرٍ عبد الْعَزِيزِ وَالْقَاضِي وَأَطْلَقَهُمَا الْخِرَقِيُّ وَالشَّارِحُ والرعايتين [في] وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْإِرْشَادِ وَالزَّرْكَشِيُّ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَجَزَمَ بِهِ الْمُنَوِّرُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ.
فائدة: لو بَاعَهُ رَدَّ ثَمَنَهُ وَإِنْ أَكَلَهُ لم يَرُدَّ قِيمَةَ أَكْلِهِ على الصَّحِيحِ وَعَنْهُ يَرُدُّهَا.
تنبيهات: الْأَوَّلُ الذي يَظْهَرُ أَنَّ الْيَسِيرَ هُنَا يَرْجِعُ قَدْرُهُ إلَى الْعُرْفِ. وقال في التَّبْصِرَةِ وَالْمُوجَزِ هو كَطَعَامِ أو عَلَفِ يَوْمَيْنِ نَقَلَهُ أبو طَالِبٍ. قال في الرِّعَايَةِ الْيَسِيرُ كَعَلَفَةٍ وَعَلَفَتَيْنِ وَطَبْخَةٍ وَطَبْخَتَيْنِ. الثَّانِي ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ غير الطَّعَامِ وَالْعَلَفِ وهو صَحِيحٌ. قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ لَا يَغْسِلُ ثَوْبَهُ بِالصَّابُونِ فَإِنْ غَسَلَ رَدَّ قِيمَتَهُ في الْمَغْنَمِ نَقَلَهُ أبو طَالِبٍ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ. الثَّالِثُ السُّكَّرُ وَالْمَعَاجِينُ وَنَحْوُهُمَا كَالطَّعَامِ وفي إلْحَاقِ الْعَقَاقِيرِ بِالطَّعَامِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ. قُلْت الْأَوْلَى إلْحَاقُهُ بِالطَّعَامِ إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا. وقال في مَوْضِعٍ من الرِّعَايَةِ وَلَهُ شُرْبُ الدَّوَاءِ من الْمَغْنَمِ وَأَكْلُهُ. الرَّابِعُ مَحَلُّ جَوَازِ الْأَخْذِ وَالْأَكْلِ إذَا لم يَحُزْهَا الْإِمَامُ أَمَّا إذَا حَازَهَا الْإِمَامُ وَوَكَّلَ من يَحْفَظُهَا فإنه لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَخْذُ شَيْءٍ منه إلَّا لِضَرُورَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَالْمَنْصُوصِ عنه وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَجَوَّزَ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ الْأَكْلَ منه في دَارِ الْحَرْبِ مُطْلَقًا.
فائدتان: إحْدَاهُمَا يَدْخُلُ في الْغَنِيمَةِ جَوَارِحُ الصَّيْدِ كَالْفُهُودِ وَالْبُزَاةِ نَقَلَ صَالِحٌ لَا بَأْسَ بِثَمَنِ الْبَازِي انْتَهَى. وَلَا يَدْخُلُ ثَمَنُ كَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ وَيَخُصُّ الْإِمَامُ بِالْكَلْبِ من شَاءَ فَلَوْ رَغِبَ فيها بَعْضُ الْغَانِمِينَ دُونَ بَعْضٍ دُفِعَتْ إلَيْهِ وَإِنْ رَغِبَ فيها الْكُلُّ أو نَاسٌ كَثِيرٌ قُسِّمَتْ عَدَدًا من غَيْرِ تَقْوِيمٍ إنْ أَمْكَنَ قِسْمَتُهَا وَإِنْ تَعَذَّرَ أو تَنَازَعُوا في الْجَيِّدِ منها أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ وَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ قَالَهُ أَحْمَدُ وَنَقَلَ أبو دَاوُد يَصُبُّ الْخَمْرَ وَلَا يَكْسِرُ الْإِنَاءَ. الثَّانِيَةُ يَجُوزُ له إذَا كان مُحْتَاجًا دُهْنُ بَدَنِهِ وَدَابَّتِهِ وَيَجُوزُ شُرْبُ شَرَابٍ. وَنَقَلَ أبو دَاوُد دَهْنُهُ بِدُهْنٍ لِلتَّزَيُّنِ لَا يُعْجِبُنِي. قَوْلُهُ وَمَنْ أَخَذَ سِلَاحًا يَعْنِي من الْغَنِيمَةِ فَلَهُ أَنْ يُقَاتِلَ بِهِ حتى يَنْقَضِيَ الْحَرْبُ ثُمَّ يَرُدُّهُ. يَجُوزُ له أَخْذُ السِّلَاحِ الذي أُخِذَ من الْكُفَّارِ لِلْقِتَالِ سَوَاءٌ كان مُحْتَاجًا إلَيْهِ أو لَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْخُلَاصَةِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ. وقال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ له ذلك مع الْحَاجَةِ. قُلْت وهو الصَّوَابُ. قَوْلُهُ وَلَيْسَ له رُكُوبُ الْفَرَسِ. يَعْنِي لِيُقَاتِلَ عليها في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيِّ. إحْدَاهُمَا يَجُوزُ جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنْتَخَبِ وَالْمُغْنِي وَشَرْح ابن رَزِينٍ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ. وَنَقَلَ إبْرَاهِيمُ بن الْحَارِثِ لَا يَرْكَبُهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ أو خَوْفٍ على نَفْسِهِ. وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ لَا بَأْسَ أَنْ يَرْكَبَ الدَّابَّةَ من الْفَيْءِ وَلَا يَعْجِفُهَا.
فائدة: حُكْمُ لُبْسِ الثَّوْبِ حُكْمُ رُكُوبِ الْفَرَسِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا عِنْدَ الْأَصْحَابِ. وَعَنْهُ يَرْكَبُ وَلَا يَلْبَسُ ذَكَرَهَا في الرِّعَايَةِ.
بَابُ: قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ قَوْلُهُ وَإِنْ أُخِذَ منهم مَالُ مُسْلِمٍ فَأَدْرَكَهُ صَاحِبُهُ قبل قَسْمِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَإِنْ أَدْرَكَهُ مَقْسُومًا فَهُوَ أَحَقُّ بِقِيمَتِهِ. اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا أُخِذَ مَالُ مُسْلِمٍ من الْكُفَّارِ بَعْدَ أَخْذِهِمْ له فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ نَقُولَ هُمْ يَمْلِكُونَ أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ أو لَا وَلَوْ حَازُوهَا إلَى دَارِهِمْ. فَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُونَهَا وَأَخَذْنَاهَا منهم فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُعْرَفَ صَاحِبُهُ أولا فَإِنْ لم يُعْرَفْ صَاحِبُهُ قُسِمَ وَجَازَ التَّصَرُّفُ فيه وَإِنْ عُرِفَ صَاحِبُهُ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُدْرِكَهُ بَعْدَ قَسْمِهِ أو قبل قَسْمِهِ فَإِنْ أَدْرَكَهُ قبل قَسْمِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَيُرَدُّ إلَيْهِ إنْ شَاءَ وَإِلَّا فَهُوَ غَنِيمَةٌ وهو قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ. وَإِنْ أَدْرَكَهُ مَقْسُومًا فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ بِثَمَنِهِ كما قال الْمُصَنِّفُ وهو الْمَذْهَبُ. قال في الْمُحَرَّرِ وهو الْمَشْهُورُ عنه وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْإِرْشَادِ وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ لَا حَقَّ له فيه كما لو وَجَدَهُ بِيَدِ المستولى عليه وقد أَسْلَمَ أو أَتَانَا بِأَمَانٍ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو بَاعَهُ الْمُغْتَنِمُ قبل أَخْذِ سَيِّدِهِ صَحَّ وَيَمْلِكُ السَّيِّدُ انْتِزَاعَهُ من الثَّانِي وكذلك لو رَهَنَهُ صَحَّ وَيَمْلِكُ انْتِزَاعَهُ من الْمُرْتَهِنِ ذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ ولم يُفَرِّقْ بين أَنْ يُطَالِبَ بِأَخْذِهِ أو لَا. قال في الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ وَالْخَمْسِينَ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُطَالَبَةَ تَمْنَعُ التَّصَرُّفَ كَالشُّفْعَةِ. قَوْلُهُ وَإِنْ أَخَذَهُ أَحَدُ الرَّعِيَّةِ بِثَمَنٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ بِثَمَنِهِ.
. وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ. قال في الْمُحَرَّرِ هذا الْمَشْهُورُ عن أَحْمَدَ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْإِرْشَادِ. وقال الْقَاضِي حُكْمُهُ حُكْمُ ما لو وَجَدَهُ صَاحِبُهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ على ما تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ وَإِنْ أَخَذَهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ بِغَيْرِ شَيْءٍ. وهو الْمَذْهَبُ قال في الْمُحَرَّرِ وَهَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. قال في الْفُرُوعِ أَخَذَهُ منه بِغَيْرِ قِيمَةٍ على الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ. وَعَنْهُ ليس له أَخْذُهُ إلَّا بِقِيمَتِهِ وَعَنْهُ لَا حَقَّ له فيه.
فوائد: الْأُولَى لو بَاعَهُ مُشْتَرِيهِ أو مُتَّهَبُهُ أو وَهَبَاهُ أو كان عَبْدًا فَأَعْتَقَاهُ لَزِمَ تَصَرُّفُهُمَا وَهَلْ له أَخْذُهُ من آخَرَ مُشْتَرٍ أو مُتَّهَبٍ مَبْنِيٌّ على ما سَبَقَ من الْخِلَافِ في الْأَصْلِ. الثَّانِيَةُ إذَا قُلْنَا يَمْلِكُونَ أُمَّ الْوَلَدِ على ما يَأْتِي قَرِيبًا لَزِمَ السَّيِّدَ قبل الْقِسْمَةِ أَخْذُهَا وَيَتَمَكَّنُ منه بَعْدَ الْقِسْمَةِ بِالْعِوَضِ رِوَايَةً وَاحِدَةً قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَنَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. الثَّالِثَةُ حُكْمُ أَمْوَالِ أَهْلِ الذِّمَّةِ قال في الرِّعَايَةِ وَأَمْوَالُ الْمُسْتَأْمَنِ إذَا اسْتَوْلَى عليها الْكُفَّارُ ثُمَّ قَدَرَ عليها حُكْمُ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ فِيمَا تَقَدَّمَ. الرَّابِعَةُ لو بَقِيَ مَالُ الْمُسْلِمِ مَعَهُمْ حَوْلًا أو أَحْوَالًا فَلَا زَكَاةَ فيه وَلَوْ كان عَبْدًا وَأَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ لم يَعْتِقْ وَلَوْ كانت أَمَةً مُزَوَّجَةً فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ انْفِسَاخُ نِكَاحِهَا وَقِيلَ لَا يَنْفَسِخُ كَالْحُرَّةِ. وَرَوَى بن هَانِئٍ عن أَحْمَدَ تَعُودُ إلَى زَوْجِهَا إنْ شَاءَتْ وَهَذَا يَدُلُّ على انْفِسَاخِ النِّكَاحِ بِالسَّبْيِ.
تنبيه: هذه الْأَحْكَامُ كُلُّهَا على الْقَوْلِ بِأَنَّ الْكُفَّارَ يَمْلِكُونَ أَمْوَالَنَا بِالْقَهْرِ. واما على الْقَوْلِ بِأَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَهَا فَلَا يُقْسَمُ بِحَالٍ وَتُوقَفُ إذَا جُهِلَ رَبُّهَا وَلِرَبِّهِ اخذه بِغَيْرِ شَيْءٍ حَيْثُ وَجَدَهُ وَلَوْ بَعْدَ الْقِسْمَةِ أو الشِّرَاءِ منهم أو إسْلَامِ آخِذِهِ وهو معه هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وقال في التَّبْصِرَةِ هو أَحَقُّ بِمَا لم يَمْلِكُوهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ بِثَمَنٍ لِئَلَّا يُنْتَقَضَ حُكْمُ الْقَاسِمِينَ. وَعَلَى هذه الرِّوَايَةِ في وُجُوبِ الزَّكَاةِ رِوَايَةُ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ وَيَصِحُّ عِتْقُهُ ولم يَنْفَسِخْ نِكَاحُ الْمُزَوَّجَةِ. قَوْلُهُ وَيَمْلِكُ الْكُفَّارُ أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ بِالْقَهْرِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي. وهو الْمَذْهَبُ قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْقَاضِي يَمْلِكُونَهَا من غَيْرِ خِلَافٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَقِيلٍ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ. فَعَلَيْهَا يَمْلِكُونَ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ صَرَّحَ بِهِ في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَيَأْتِي ذلك في أَوَاخِرِ كِتَابِ الْبَيْعِ. وقال أبو الْخَطَّابِ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَهَا يَعْنِي وَلَوْ حَازُوهَا إلَى دَارِهِمْ وَهِيَ رِوَايَةٌ عن أَحْمَدَ اخْتَارَهَا الْآجُرِّيُّ وأبو الْخَطَّابِ في تَعْلِيقِهِ وابن شِهَابٍ وأبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَجَزَمَ بِه ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ قال في النَّظْمِ لَا يَمْلِكُونَهُ في الْأَظْهَرِ. وَذَكَرَ بن عَقِيلٍ في فُنُونِهِ وَمُفْرَدَاتِهِ رِوَايَتَيْنِ وَصَحَّحَ فيها عَدَمَ الْمِلْكِ وَقَدَّمَهُ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَصَحَّحَهُ في نِهَايَةِ بن رَزِينٍ وَنَظْمِهَا. قال في الْمُحَرَّرِ وَنَصَّ أبو الْخَطَّابِ في تَعْلِيقِهِ أَنَّ الْكُفَّارَ لَا يَمْلِكُونَ مَالَ مُسْلِمٍ بِالْقَهْرِ وَأَنَّهُ يَأْخُذُهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَحَتَّى لو كان مَقْسُومًا وَمِنْ الْعَدُوِّ إذَا أَسْلَمَ وَذَلِكَ مُخَالِفٌ لِنُصُوصِ أَحْمَدَ انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا في الْبُلْغَةِ وَشَرْح ابن مُنَجَّا. وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّ أَحْمَدَ لم يَنُصَّ على الْمِلْكِ وَلَا على عَدَمِهِ وَإِنَّمَا نَصَّ على أَحْكَامٍ أُخِذَ منها ذلك. قال وَالصَّوَابُ أَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَهَا إلَّا مِلْكًا مُقَيَّدًا لَا يُسَاوِي أَمْلَاك الْمُسْلِمِينَ من كل وَجْهٍ انْتَهَى. وَعَنْهُ لَا يَمْلِكُونَهَا حتى يَحُوزُوهَا إلَى دَارِهِمْ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُنَّ الشَّارِحُ. قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وإذا قُلْنَا يَمْلِكُونَ فَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَحُوزُوهُ بِدَارِهِمْ فيه رِوَايَتَانِ وَالتَّرْجِيحُ مُخْتَلِفٌ. وقال في الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةَ عَشْرَ وَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَهَا بِمُجَرَّدِ اسْتِيلَائِهِمْ بَلْ بِالْحِيَازَةِ إلَى دَارِهِمْ وَفِيهِ رِوَايَةٌ مُخَرَّجَةٌ بِأَنَّهُمْ يَمْلِكُونَهَا بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ. وَبَنَى بن الصَّيْرَفِيِّ مِلْكَهُمْ أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ على أَنَّهُمْ هل هُمْ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الْإِسْلَامِ أَمْ لَا فَإِنْ قُلْنَا هُمْ مُخَاطَبُونَ لم يَمْلِكُوهَا وَإِلَّا مَلَكُوهَا. وَرُدَّ بِأَنَّ الْمَذْهَبَ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّهُمْ يَمْلِكُونَ من غَيْرِ خِلَافٍ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ. وَأَيْضًا إنَّمَا مَحَلُّ الْخِلَافِ في مِلْكِ الْكُفَّارِ وَعَدَمِهِ أَمْوَالَنَا في أَهْلِ الْحَرْبِ أَمَّا أَهْلُ الذِّمَّةِ فَلَا يَمْلِكُونَهَا بِلَا خِلَافٍ وَالْخِلَافُ في تَكْلِيفِ الْكُفَّارِ عَامٌّ في أَهْلِ الذِّمَّةِ وَأَهْلِ الْحَرْبِ.
تنبيهات: أَحَدُهَا حَيْثُ قُلْنَا يَمْلِكُونَهَا فَلَا يَمْلِكُونَ الْجَيْشَ وَلَا الْوَقْفَ وَيَمْلِكُونَ أُمَّ الْوَلَدِ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ هِيَ كَالْوَقْفِ فَلَا يَمْلِكُونَهَا صَحَّحَهَا بن عَقِيلٍ وَصَاحِبُ النَّظْمِ. قُلْت وهو الصَّوَابُ وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْقَوَاعِدِ. الثَّانِي مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَيَمْلِكُ الْكُفَّارُ أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ بِالْقَهْرِ أَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَهَا بِغَيْرِ ذلك فَلَا يَمْلِكُونَ ما شَرَدَ إلَيْهِمْ من الدَّوَابِّ أو أَبَقَ من الْعَبِيدِ أو أَلْقَتْهُ الرِّيحُ إلَيْهِمْ من السُّفُنِ وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ صَحَّحَهُ في النَّظْمِ قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ الْمَذْهَبُ لَا يَمْلِكُونَهُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ حُكْمُهُ حُكْمُ ما أَخَذُوهُ بِالْقَهْرِ وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ. الثَّالِثُ مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَيَمْلِكُ الْكُفَّارُ أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ الْأَحْرَارَ وهو صَحِيحٌ فَلَا يَمْلِكُونَ حُرًّا مُسْلِمًا وَلَا ذِمِّيًّا بِالِاسْتِيلَاءِ عليه وَيَلْزَمُ فِدَاؤُهُ لِحِفْظِهِ من الْأَذَى. وَنَصُّهُ في الذِّمِّيِّ إذَا اُسْتُعِينَ بِهِ وَمَنْ اشْتَرَاهُ منهم بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ فَلَهُ ذلك على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا يَرْجِعُ. وقال في الْمُحَرَّرِ فَلَهُ عليه ثَمَنُهُ دَيْنًا ما لم يَنْوِ بِهِ التَّبَرُّعَ فَإِنْ اخْتَلَفَا في قَدْرِ ثَمَنِهِ فَوَجْهَانِ أَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ. قُلْت الظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْأَسِيرِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ قَطَعَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ. وَاخْتَارَ الْآجُرِّيُّ لَا يَرْجِعُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَادَةَ الْأَسْرَى وَأَهْلِ الثَّغْرِ فَيَشْتَرِيهِمْ لِيُخَلِّصَهُمْ وَيَأْخُذَ ما وَزَنَ لَا زِيَادَةً فإنه يَرْجِعُ. قَوْلُهُ وما أُخِذَ من دَارِ الْحَرْبِ من رِكَازٍ أو مُبَاحٍ له قِيمَةٌ فَهُوَ غَنِيمَةٌ. إذَا كان مع الْجَيْشِ وَأُخِذَ من دَارِ الْحَرْبِ رِكَازًا وَحْدَهُ أو بِجَمَاعَةٍ منهم لَا يَقْدِرُ عليه إلَّا بِهِمْ فَهُوَ غَنِيمَةٌ وهو مُرَادُ الْمُصَنِّفِ. وَأَمَّا إذَا قَدَرَ عليه بِنَفْسِهِ كَالْمُتَلَصِّصِ وَنَحْوِهِ فإنه يَكُونُ له فَهُوَ كما لو وَجَدَهُ في دَارِ الْإِسْلَامِ فيه الْخُمُسُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَخَرَجَ أَنَّهُ غَنِيمَةٌ وَتَقَدَّمَ ذلك مُسْتَوْفًى في آخِرِ بَابِ زَكَاةِ الْخَارِجِ من الْأَرْضِ. واما ما أَخَذَهُ من دَارِ الْحَرْبِ من الْمُبَاحِ وَلَهُ قِيمَةٌ كَالصَّيُودِ وَالصَّمْغِ وَالدَّارَصِينِيِّ وَالْحِجَارَةِ وَالْخَشَبِ وَنَحْوِهَا فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ غَنِيمَةٌ مُطْلَقًا كما قال الْمُصَنِّفُ. وَنَقَلَ عبد اللَّهِ إنْ صَادَ سَمَكًا وكان يَسِيرًا فَلَا بَأْسَ بِهِ مِمَّا يَبِيعُهُ بِدَانِقٍ أو قِيرَاطٍ وما زَادَ على ذلك يَرُدُّهُ في الْمَغْنَمِ. وقال ابن رَزِينٍ في مُخْتَصَرِهِ وَهَدِيَّةُ مُبَاحٍ وَكَسْبُ طَائِفَةٍ غَنِيمَةٌ في الثَّلَاثَةِ وَأَنَّ الْمَأْخُوذَ لَا قِيمَةَ له كَالْأَقْلَامِ فَهُوَ لِآخِذِهِ وَإِنْ صَارَ له قِيمَةٌ يُقَدَّرُ ذلك بِنَقْلِهِ وَمُعَالَجَتِهِ نَصَّ عليه. وَقَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمَا. وَيَأْتِي في آخِرِ الْبَابِ حُكْمُ من أُخِذَ من الْفِدْيَةِ أو ما أُهْدِيَ لِأَمِيرِ الْجَيْشِ أو لِبَعْضِ الْغَانِمِينَ. قَوْلُهُ وَتُمْلَكُ الْغَنِيمَةُ بِالِاسْتِيلَاءِ عليها في دَارِ الْحَرْبِ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه. قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ هذا الْمَنْصُوصُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ. في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ. وقال في الِانْتِصَارِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهِمَا لَا تُمْلَكُ إلَّا بِاسْتِيلَاءٍ تَامٍّ لَا في فَوْرِ الْهَزِيمَةِ لِالْتِبَاسِ الْأَمْرِ هل هو حِيلَةٌ أو ضَعْفٌ وَقَالَهُ في الْبُلْغَةِ وَأَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ. وقال الْقَاضِي لَا تُمْلَكُ إلَّا بِقَصْدِ التَّمَلُّكِ لَا يَمْلِكُ الْأَرْضَ وَتَرَدَّدَ في الْمِلْكِ قبل الْقِسْمَةِ هل هو بَاقٍ لِلْكُفَّارِ أو أَنَّ مِلْكَهُمْ انْقَطَعَ عنها وَقَالَهُ في الْفُرُوعِ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ تُمْلَكُ كَشِرَاءٍ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ في الِانْتِصَارِ بِالْقَصْدِ. وَقِيلَ لَا يَسْتَقِرُّ مِلْكُهَا قبل الْحِيَازَةِ بِدَارِنَا. قَوْلُهُ وَيَجُوزُ قَسْمُهَا فيها وكذا تَبَايُعُهَا. وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وَقِيلَ لَا يَجُوزُ ذلك فِيهِمَا وفي البلغة رِوَايَةٍ لَا يَصِحُّ قِسْمَتُهَا فيها.
فائدة: لو أَرَادَ الْأَمِيرُ أَنْ يَشْتَرِيَ لِنَفْسِهِ منها فَوَكَّلَ من لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ وَكِيلُهُ صَحَّ الْبَيْعُ وَإِلَّا حَرُمَ نَصَّ عليه. وَيَأْتِي في آخِرِ الْبَابِ إذَا تَبَايَعُوا بَعْدَ قِسْمَتِهَا ثُمَّ غَلَبَ عليها الْعَدُوُّ هل تَكُونُ من مَالِ الْمُشْتَرِي أو الْبَائِعِ. قَوْلُهُ وَهِيَ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ من أَهْلِ الْقِتَالِ قَاتَلَ أو لم يُقَاتِلْ وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ في الْجُمْلَةِ.
تنبيه: ظَاهِرُ كَلَامِهِ مَتَى شَهِدَ الْوَقْعَةَ اسْتَحَقَّ سَهْمَهُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. وقال الْآجُرِّيُّ لو حَازُوهَا ولم تُقْسَمْ ثُمَّ انْهَزَمَ قَوْمٌ فَلَا شَيْءَ لهم لِأَنَّهَا لم تَصِرْ إلَيْهِمْ حتى صَارُوا عُصَاةً.
فائدة: يَسْتَحِقُّ أَيْضًا من الْغَنِيمَةِ من بَعَثَهُ الْأَمِيرُ لِمَصْلَحَةِ الْجَيْشِ مِثْلَ الرَّسُولِ وَالدَّلِيلِ وَالْجَاسُوسِ وَأَشْبَاهِهِمْ فَيُسْهِمُ لهم وَإِنْ لم يَحْضُرُوا وَيُسْهِمُ أَيْضًا لِمَنْ خَلَّفَهُمْ الْأَمِيرُ في بِلَادِ الْعَدُوِّ غَزْوًا أو لم يَمُرَّ بِهِمْ فَرَجَعُوا نَصَّ عليه. قَوْلُهُ من تُجَّارِ الْعَسْكَرِ وَأُجَرَائِهِمْ. هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ يُسْهَمُ للمكاوي [للمكاري] وَالْبَيْطَارِ وَالْحَدَّادِ وَالْخَيَّاطِ وَالْإِسْكَافِ وَالصُّنَّاعِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ. وَذَكَرَ بن عَقِيلٍ في أَسِيرٍ وَتَاجِرٍ رِوَايَتَيْنِ وَالْإِسْهَامُ لِلتَّاجِرِ من الْمُفْرَدَاتِ. وَعَنْهُ لَا يُسْهَمُ لِأَجِيرِ الْخِدْمَةِ. وقال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ يُسْهَمُ له إذَا قَصَدَ الْجِهَادَ وَكَذَا قال في التَّاجِرِ. وقال في الْمُوجَزِ هل يُسْهَمُ لِتَاجِرِ الْعَسْكَرِ وَسَوْقِهِ وَمُسْتَأْجَرٍ مع جُنْدٍ كَرِكَابِيٍّ وَسَائِسٍ أَمْ يَرْضَخُ لهم فيه رِوَايَتَانِ. وقال في الْوَسِيلَةِ ظَاهِرُ كَلَامِهِ لَا تَصِحُّ النِّيَابَةُ تَبَرُّعًا أو بِأُجْرَةٍ وَقَطَعَ بِه ابن الجوزي. وَأَمَّا الْمَرِيضُ الْعَاجِزُ عن الْقِتَالِ فَلَا حَقَّ له هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ. وقال الْآجُرِّيُّ من شَهِدَ الْوَقْعَةَ ثُمَّ مَرِضَ أُسْهِمَ له وَإِنْ لم يُقَاتِلْ وَأَنَّهُ قَوْلُ أَحْمَدَ.
تنبيه: قَوْلُهُ وَالْمُخَذِّلُ وَالْمُرْجِفُ. يَعْنِي لَا حَقَّ لَهُمَا وَلَا لِفَرَسِهِمَا فيها. قال الْأَصْحَابُ وَلَوْ تَرَكَا ذلك وَقَاتَلَا وَلَا يَرْضَخُ لهم لِأَنَّهُمْ عُصَاةٌ وَلَا يَرْضَخُ لِلْعَبْدِ إذَا غَزَا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ لِأَنَّهُ عَاصٍ . وَلَا شَيْءَ لِمَنْ يُعِينُ عَلَيْنَا عَدُوَّنَا وَلَا لِمَنْ نَهَاهُ الْإِمَامُ عن الْحُضُورِ وَلَا لِطِفْلٍ وَلَا مَجْنُونٍ وَكَذَا حُكْمُ من هَرَبَ من كَافِرِينَ ذَكَرَهُ في الرَّوْضَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ. وَيُسْهَمُ لِمَنْ مُنِعَ من الْجِهَادِ لِدَيْنِهِ فَخَالَفَ أو مَنَعَهُ الْأَبُ من جِهَادِ التَّطَوُّعِ فَخَالَفَ صَرَّحَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا لِأَنَّ الْجِهَادَ تَعَيَّنَ عليه بِحُضُورِ الصَّفِّ بِخِلَافِ الْعَبْدِ. قَوْلُهُ وَالْفَرَسُ الضَّعِيفُ الْعَجِيفُ فَلَا حَقَّ له. وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ يُسْهَمُ له وهو رِوَايَةٌ في الرِّعَايَةِ. وقال قُلْت وَمِثْلُهُ الْهَرَمُ وَالضَّعِيفُ وَالْعَاجِزُ . وقال في التَّبْصِرَةِ يُسْهَمُ لِفَرَسٍ عَجِيفٍ وَيُحْتَمَلُ لَا وَلَوْ شَهِدَهَا عليه. قَوْلُهُ وإذا لَحِقَ مَدَدٌ أو هَرَبَ أَسِيرٌ فَأَدْرَكُوا الْحَرْبَ قبل تَقَضِّيهَا أُسْهِمَ لهم. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُ. وَقِيلَ لَا شَيْءَ لَهُمَا ذَكَرَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ.
تنبيه: مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَإِنْ جاؤوا [جاءوا] بَعْدَ إحْرَازِ الْغَنِيمَةِ فَلَا شَيْءَ لهم. أَنَّهُمْ لو جاؤوا [جاءوا] قبل إحْرَازِ الْغَنِيمَةِ وَبَعْدَ تَقَضِّي الْحَرْبِ أَنَّهُ يُسْهَمُ لهم وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ. وَقِيلَ لَا يُسْهَمُ لهم وَالْحَالَةُ هذه وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ في مَوْضِعٍ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ. قال في الْوَجِيزِ يُسْهَمُ لِلْأَسِيرِ وَالْمَدَدِيِّ إن [لمن] أَدْرَكَاهَا وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي. وقال في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالثَّمَانِينَ إذَا قُلْنَا تُمْلَكُ الْغَنِيمَةُ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ عليها فَهَلْ يُشْتَرَطُ الْإِحْرَازُ فيه وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا لَا يُشْتَرَطُ وَتُمْلَكُ بِمُجَرَّدِ تَقَضِّي الْحَرْبِ وهو قَوْلُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَمَنْ تَابَعَهُ. وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ وهو قَوْلُ الْخِرَقِيِّ وابن أبي مُوسَى كَسَائِرِ الْمُبَاحَاتِ وَرَجَّحَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي. فَعَلَى هذا لَا يَسْتَحِقُّ منها إلَّا من شَهِدَ الْإِحْرَازَ. وَعَلَى الْأَوَّلِ اعْتَبَرَ الْقَاضِي وَالْأَكْثَرُونَ شُهُودَ إحْرَازِ الْوَقْعَةِ وَقَالُوا لَا يَسْتَحِقُّ من لم يَشْهَدْهُ. وَفَصَلَ الْقَاضِي في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ بين الْجَيْشِ وَأَهْلِ الْمَدَدِ فَيَسْتَحِقُّ الْجَيْشُ بِحُضُورِ جَزْءٍ من الْوَقْعَةِ إذَا كان تَخَلُّفُهُمْ لِعُذْرٍ وَيُعْتَبَرُ في اسْتِحْقَاقِ الْمَدَدِ بِخِلَافِ الْحَرْبِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْكَافِي.
فائدة: لو لَحِقَهُمْ مَدَدٌ بَعْدَ إحْرَازِ الْغَنِيمَةِ لم يَسْتَحِقُّوا منها شيئا فَلَوْ لَحِقَهُمْ عَدُوٌّ فَقَاتَلَ الْمَدَدُ مع الْجَيْشِ حتى سَلِمُوا بِالْغَنِيمَةِ لم يَسْتَحِقُّوا أَيْضًا منها شيئا لِأَنَّهُمْ إنَّمَا قَاتَلُوا عن أَصْحَابِهَا لِأَنَّ الْغَنِيمَةَ في أَيْدِيهمْ وَجَدُوهَا نَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ. قَوْلُهُ ثُمَّ يُخَمِّسُ الْبَاقِيَ فَيَقْسِمُ خُمُسَهُ على خَمْسَةِ أَسْهُمٍ سَهْمٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِرَسُولِهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يُصْرَفُ مَصْرِفَ الْفَيْءِ. الصَّحِيحُ في الْمَذْهَبِ أَنَّ هذا السَّهْمَ يُصْرَفُ مَصْرِفَ الْفَيْءِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في الْبُلْغَةِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمَا. قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ. وَعَنْهُ يُصْرَفُ في الْمُقَاتِلَةِ وَعَنْهُ يُصْرَفُ في الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ. وَعَنْهُ يُصْرَفُ في الْمُقَاتِلَةِ وَالْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ. قال في الِانْتِصَارِ وهو لِمَنْ يَلِي بِالْخِلَافَةِ بَعْدَهُ ولم يذكر سَهْمَ اللَّهِ وَذَكَرَ مثله في عُيُونِ الْمَسَائِلِ. وقال أبو بَكْرٍ إذَا أَجْرَى ذلك على من قام مَقَامَ أبي بَكْرٍ وَعُمَرَ من الْأَئِمَّةِ جَازَ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في الرَّدِّ على الرَّافِضِيِّ عن بَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّ اللَّهَ أَضَافَ هذه الْأَمْوَالَ إضَافَةَ مِلْكٍ كَسَائِرِ أَمْوَالِ الناس ثُمَّ اخْتَارَ قَوْلَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ إنَّهَا لَيْسَتْ مِلْكًا لِأَحَدٍ بَلْ أَمْرُهَا إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ يُنْفِقُهَا فِيمَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ. قَوْلُهُ وَسَهْمٌ لِذَوِي الْقُرْبَى وَهُمْ بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ حَيْثُ كَانُوا. هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانُوا مُجَاهِدِينَ أو لَا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمُوا بِهِ. وَقِيلَ لَا يُعْطُونَ إلَّا من جِهَةِ الْجِهَادِ. قَوْلُهُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ. هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في الْبُلْغَةِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمَا. وَعَنْهُ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فيه سَوَاءٌ قَدَّمَه ابن رزين في شَرْحِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ. قَوْلُهُ غَنِيُّهُمْ وَفَقِيرُهُمْ فيه سَوَاءٌ. هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ الْمَعْرُوفُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَجَزَمَ بِهِ في. الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ يَخْتَصُّ بِهِ فُقَرَاؤُهُمْ وَاخْتَارَهُ أبو إِسْحَاقَ بن شَاقِلَا.
فوائد: إحْدَاهَا يَجِبُ تَعْمِيمُهُمْ وَتَفْرِقَتُهُ بَيْنَهُمْ حَيْثُمَا كَانُوا حَسَبَ الْإِمْكَانِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. فَعَلَى هذا يَبْعَثُ الْإِمَامُ إلَى عُمَّالِهِ في الْأَقَالِيمِ وَيَنْظُرُ ما حَصَلَ من ذلك فإذا اسْتَوَتْ الْأَخْمَاسُ فَرَّقَ كُلَّ خَمْسٍ فِيمَنْ قَارَبَهُ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أُمِرَ بِحَمْلِ الْفَاضِلِ لِيُدْفَعَ إلَى مُسْتَحِقِّهِ. وقال الْمُصَنِّفُ الصَّحِيحُ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّعْمِيمُ لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ أو يَشُقُّ فلم يَجِبْ كَالْمَسَاكِينِ وَالْإِمَامُ ليس له حُكْمٌ إلَّا في قَلِيلٍ من بِلَادِ الْإِسْلَامِ. فَعَلَى هذا يُفَرِّقُهُ كُلُّ سُلْطَانٍ فِيمَا أَمْكَنَ من بِلَادِهِ. قال الزَّرْكَشِيُّ قُلْت وَلَا أَظُنُّ الْأَصْحَابَ يُخَالِفُونَهُ في هذا انْتَهَى. وقال في الِانْتِصَارِ يَكْفِي وَاحِدٌ إنْ لم يُمْكِنْهُ. وقال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ بَلْ سَهْمُ ذَوِي الْقُرْبَى من الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ في كل إقْلِيمٍ. وَقِيلَ ما حَصَلَ من مَغْزَاهُ. وَقِيلَ يَجُوزُ تَفْرِيقُ الْخُمُسِ في جِهَةِ مَغْزَاهُ وَغَيْرِهَا وَإِنْ كان بَيْنَهُمَا مَسَافَةُ الْقَصْرِ وَيَأْتِي قَرِيبًا بِأَعَمَّ من هذا. الثَّانِيَةُ لَا شَيْءَ لِمَوَالِيهِمْ وَلَا لِأَوْلَادِ بَنَاتِهِمْ وَلَا لِغَيْرِهِمْ من قُرَيْشٍ. وقال ابن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِي الْفُرُوعِ حِرْمَانُ الْمَوَالِي هُنَا فيه نَظَرٌ لِأَنَّ مَوَالِيَ الْقَوْمِ منهم وَلَكِنَّهُمْ مَنَعُوا الزَّكَاةَ لِكَوْنِهِمْ منهم فَوَجَبَ أَنْ يُعْطُوا من الْخُمُسِ انْتَهَى. الثَّالِثَةُ إذَا لم يَأْخُذُوا سَهْمَهُمْ صُرِفَ في الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ. قَوْلُهُ وَسَهْمٌ لِلْيَتَامَى وَالْفُقَرَاءِ. هذا الْمَشْهُورُ في الْمَذْهَبِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْكَافِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ. قال الزَّرْكَشِيُّ هو قَوْلُ جُمْهُورِ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ يَسْتَحِقُّ منهم الْيَتِيمُ الْغَنِيُّ. قال النَّاظِمُ وما هو بِبَعِيدٍ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ.
فوائد: إحداهما [إحداها] الْيَتِيمُ من لَا أَب له إذَا لم يَبْلُغْ الْحُلُمَ قَوْلُهُ وَسَهْمٌ لِلْمَسَاكِينِ. يَدْخُلُ مَعَهُمْ الْفُقَرَاءُ بِلَا نِزَاعٍ. الثَّانِيَةُ يُشْتَرَطُ في الْمُسْتَحَقِّينَ من ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وابن السَّبِيلِ أَنْ يَكُونُوا مُسْلِمِينَ وَأَنْ يُعْطُوا كَالزَّكَاةِ بِلَا نِزَاعِ وَيَعُمُّ بِسِهَامِهِمْ جَمِيعَ الْبِلَادِ حَسَبَ الْإِمْكَانِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا. وَتَقَدَّمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ في بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ. وقال في الِانْتِصَارِ يَكْفِي وَاحِدٌ وَاحِدٌ من الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ وَمِنْ ذَوِي الْقُرْبَى إنْ لم يُمْكِنْهُ. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ إعْطَاءَ الْإِمَامِ من شَاءَ منهم لِلْمَصْلَحَةِ كَالزَّكَاةِ. وَاخْتَارَ أَيْضًا أَنَّ الْخُمُسَ وَالْفَيْءَ وَاحِدٌ يُصْرَفُ في الْمَصَالِحِ. وَذَكَرَ في رَدِّهِ على الرَّافِضِيِّ أَنَّهُ قَوْلٌ في مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَأَنَّ عن أَحْمَدَ ما يُوَافِقُ ذلك فإنه جَعَلَ مَصْرِفَ خُمُسِ الرِّكَازِ مَصْرِفَ الْفَيْءِ وهو تَبَعٌ لِخُمُسِ الْغَنَائِمِ وَذَكَرَهُ أَيْضًا رِوَايَةً. وَاخْتَارَ بن الْقَيِّمِ في الْهَدْيِ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ وهو أَنَّ الْإِمَامَ مُخَيَّرٌ فِيهِمْ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُمْ كَالزَّكَاةِ. الثَّالِثَةُ لو اجْتَمَعَ في وَاحِدٍ أَسْبَابٌ كَالْمِسْكِينِ الْيَتِيمِ اسْتَحَقَّ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِأَنَّهَا أَسْبَابٌ لِأَحْكَامٍ فَإِنْ أَعْطَاهُ لِيُتْمِهِ فَزَالَ فَقْرُهُ لم يُعْطَ لِفَقْرِهِ شيئا. قال في الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَةِ هذا الْمَشْهُورُ في الْمَذْهَبِ. وَلَهَا نَظَائِرُ تَأْتِي في الْوَقْفِ وَالْمَوَارِيثِ وَغَيْرِهِمَا.
تنبيهان: أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ ثُمَّ يعطى النَّفَلَ. وهو الزِّيَادَةُ على السَّهْمِ لِمَصْلَحَةٍ مِثْلَ نَفْلُ بَعْثَةِ سَرِيَّةٍ تُغِيرُ في الْبَدْأَةِ وَالرَّجْعَةِ على ما تَقَدَّمَ وَكَذَا من جَعَلَ له الْإِمَامُ جُعْلًا. الثَّانِي ظَاهِرُ قَوْلِهِ ثُمَّ يعطى النَّفَلَ وَيَرْضَخُ لِمَنْ لَا سَهْمَ له. أَنَّ النَّفَلَ وَالرَّضْخَ يَكُونُ إخْرَاجُهُمَا بَعْدَ إخْرَاجِ خُمُسِ الْغَنِيمَةِ فَيَكُونَانِ من أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِهَا وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ الرَّضْخُ من أَصْلِ الْغَنِيمَةِ وَحَكَاهُ النَّوَوِيُّ في شَرْحِ مُسْلِمٍ عن أَحْمَدَ ولم نَرَهُ في كُتُبِ الْأَصْحَابِ كَذَلِكَ. وَقِيلَ من سَهْمِ الْمَصَالِحِ. وَقِيلَ النَّفَلُ وَالرَّضْخُ من أَصْلِ الْغَنِيمَةِ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ. قَوْلُهُ وَيَرْضَخُ لِمَنْ لَا سَهْمَ له وَهُمْ الْعَبِيدُ وَالنِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ. يَرْضَخُ لِلْعَبِيدِ وَالنِّسَاءِ بِلَا نِزَاعٍ وَالْمُدَبَّرُ وَالْمُكَاتَبُ كَالْقِنِّ بِلَا نِزَاعٍ وَالْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ يُعْطَى نِصْفُ سَهْمِ رَجُلٍ وَنِصْفُ الرَّضْخِ فَإِنْ انْكَشَفَ حَالُهُ فَبَانَ رَجُلًا تَمَّمَ له وهو احْتِمَالٌ لِلْمُصَنِّفِ وَأَطْلَقَهُمَا في النَّظْمِ. وَيَرْضَخُ لِلصَّبِيِّ إذَا كان مُمَيِّزًا إلَى الْبُلُوغِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ لَا يَرْضَخُ له إذَا كان مُرَاهِقًا وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْبُلْغَةِ. وَقِيلَ يَرْضَخُ أَيْضًا لِمَنْ دُونَ التَّمْيِيزِ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ.
فائدتان: إحْدَاهُمَا يَرْضَخُ لِلْمُعْتَقِ بَعْضُهُ وَيُسْهَمُ له بِحِسَابِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ. وَقِيلَ يَرْضَخُ له فَقَطْ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ. قال الْمُصَنِّفُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَأَطْلَقَهُمَا في النَّظْمِ. الثَّانِيَةُ قال الْأَصْحَابُ يَجُوزُ التَّفْضِيلُ بين من يَرْضَخُ لهم على ما يَرَاهُ الْإِمَامُ على قَدْرِ غناءهم [غنائهم] وَنَفْعِهِمْ. قَوْلُهُ وفي الْكَافِرِ رِوَايَتَانِ. يَعْنِي هل يَرْضَخُ له أو يُسْهَمُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْكَافِي وَالْإِرْشَادِ. إحْدَاهُمَا يَرْضَخُ له قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ. وَالْأُخْرَى يُسْهَمُ له وَهِيَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهَا أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. قال الزَّرْكَشِيُّ هِيَ أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ وَاخْتَارَهَا الْخَلَّالُ وَالْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَالشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وابن عَقِيلٍ وَالشِّيرَازِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَنَصَرَهَا الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ. قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذه أَصَحُّ الرِّوَايَاتِ وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وَهِيَ منها وَقَدَّمَهَا في الْفُرُوعِ. قال في الْبُلْغَةِ يُسْهَمُ له في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ.
تنبيهات: أَحَدُهَا قال الزَّرْكَشِيُّ وَقَوْلُ الْخِرَقِيِّ غَزَا مَعَنَا لم يُشْتَرَطْ أَنْ يَكُونَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَشَرَطَ ذلك الشَّيْخَانِ وأبو الْخَطَّابِ انْتَهَى. وَاخْتَارَهُ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ كَالْخِرَقِيِّ. الثَّانِي يُسْتَثْنَى من قَوْلِهِ وَلَا يَبْلُغُ بِالرَّضْخِ لِلرَّاجِلِ سَهْمُ رَاجِلٍ وَلِلْفَارِسِ سَهْمُ فَارِسٍ الْعَبْدُ إذَا غَزَا على فَرَسِ سَيِّدِهِ فإنه يُؤْخَذُ لِلْفَارِسِ سَهْمَانِ كما قَالَهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ ذلك وَقَالَهُ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ مع سَيِّدِهِ فَرَسَانِ. قُلْت وَيَتَوَجَّهُ أَنْ يَلْحَقَ بِهِ الْكَافِرُ إذَا غَزَا على فَرَسٍ ولم أَرَهُ. الثَّالِثُ مَفْهُومُ قَوْلِهِ فَإِنْ تَغَيَّرَ حَالُهُمْ قبل تَقَضِّي الْحَرْبِ أَسْهَمَ لهم أَنَّهُ إذَا تَغَيَّرَ حَالُهُمْ بَعْدَ تَقَضِّي الْحَرْبِ لَا يُسْهَمُ لهم فَيَشْمَلُ صُورَتَيْنِ. إحْدَاهُمَا أَنْ تَتَغَيَّرَ أَحْوَالُهُمْ بَعْدَ تَقَضِّي الْحَرْبِ وَقَبْلَ إحْرَازِ الْغَنِيمَةِ فَهَذِهِ الصُّورَةُ فيها وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا وهو مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَنَّهُ لَا يُسْهَمُ لهم وهو الْمَذْهَبُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ في مَوْضِعٍ. وَالثَّانِي يُسْهَمُ لهم وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في قَوْلِهِ وَإِنْ جاؤوا [جاءوا] بَعْدَ إحْرَازِ الْغَنِيمَةِ فَلَا شَيْءَ لهم كما تَقَدَّمَ. وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ هذا قَرِيبًا عِنْدَ قَوْلِهِ وإذا لَحِقَ مَدَدِيٌّ أو هَرَبَ أَسِيرٌ لَكِنَّ كَلَامَهُ هُنَا في تَغَيُّرِ حَالِ من يَرْضَخُ له بِخِلَافِ الْأَوَّلِ. الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ تَتَغَيَّرَ أَحْوَالُهُمْ بَعْدَ إحْرَازِ الْغَنِيمَةِ فَلَا يُسْهَمُ لهم قَوْلًا وَاحِدًا.
تنبيه: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ غَزَا الْعَبْدُ على فَرَسٍ لِسَيِّدِهِ فَسَهْمُ الْفَرَسِ مُقَيَّدٌ بِأَنْ لَا يَكُونَ مع سَيِّدِهِ فَرَسَانِ فَإِنْ كان معه فَرَسَانِ غَيْرُ فَرَسِ الْعَبْدِ لم يُسْهَمْ لِفَرَسِ الْعَبْدِ كما تَقَدَّمَ وَالْإِسْهَامُ لِفَرَسِ الْعَبْدِ من الْمُفْرَدَاتِ. قَوْلُهُ ثُمَّ يَقْسِمُ بَاقِيَ الْغَنِيمَةِ لِلرَّاجِلِ سَهْمٌ وَلِلْفَارِسِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ سَهْمٌ له وَسَهْمَانِ لِفَرَسِهِ. وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ في الْجُمْلَةِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُسْهَمُ لِمَنْ بَعَثَهُ الْإِمَامُ لِمَصْلَحَةِ الْجَيْشِ أو خَلَّفَهُ في أَرْضِ الْعَدُوِّ وَإِنْ لم يَشْهَدْ الْقِتَالَ. قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فَرَسُهُ هَجِينًا أو بِرْذَوْنًا فَيَكُونُ له سَهْمٌ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ. قُلْت منهم الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَالشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَالشِّيرَازِيُّ وابن عَقِيلٍ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ. قال في الْإِرْشَادِ هذا أَظْهَرُ وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الأدمى وَالْإِيضَاحِ. قال الْخَلَّالُ تَوَاتَرَتْ الرِّوَايَاتُ عن أَحْمَدَ في إسْهَامِ الْبِرْذَوْنِ أَنَّهُ سَهْمٌ وَاحِدٌ. وَعَنْهُ له سَهْمَانِ كَالْعَرَبِيِّ اخْتَارَهَا الْخَلَّالُ وقال رَوَى عنه ثَلَاثَةٌ مُتَيَقِّظُونَ أَنَّهُ يُسْهَمُ لِلْبِرْذَوْنِ سَهْمُ الْعَرَبِيِّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ فإنه أَطْلَقَ أَنَّ لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُنَوِّرِ وَالشَّرْحِ. وَعَنْهُ له سَهْمَانِ إنْ عَمِلَ كَالْعَرَبِيِّ ذَكَرَهَا أبو بَكْرٍ وَاخْتَارَهَا الْآجُرِّيُّ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَعَنْهُ لَا يُسْهَمُ له أَصْلًا ذَكَرَهَا الْقَاضِي وَأَطْلَقَهُنَّ في الْبُلْغَةِ وَالزَّرْكَشِيُّ.
فائدة: الْهَجِينُ من أُمُّهُ غَيْرُ عَرَبِيَّةٍ وَأَبُوهُ عَرَبِيٌّ وَعَكْسُهُ الْمُقْرِفُ والبرذون من أَبَوَاهُ غَيْرُ عَرَبِيَّيْنِ والعربي من أَبَوَاهُ عَرَبِيَّانِ وَيُسَمَّى الْعَتِيقَ. قَوْلُهُ وَلَا يُسْهَمُ لِأَكْثَرَ من فَرَسَيْنِ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُ. وَقِيلَ يُسْهَمُ لِثَلَاثَةٍ جَزَمَ بِهِ في التَّبْصِرَةِ وَالْإِسْهَامُ لِفَرَسَيْنِ أو ثَلَاثَةٍ من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. قَوْلُهُ وَلَا يُسْهَمُ لِغَيْرِ الْخَيْلِ. هذا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ وَغَيْرِهِمْ قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ. قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ لَا يُسْهَمُ لِبَعِيرِ على الْأَظْهَرِ وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ. وقال الْخِرَقِيُّ وَمَنْ غَزَا على بَعِيرٍ لَا يَقْدِرُ على غَيْرِهِ قُسِمَ له وَلِبَعِيرِهِ سَهْمَانِ. وهو رِوَايَةٌ عن أَحْمَدَ نَقَلَهَا الْمَيْمُونِيُّ وَاخْتَارَه ابن البنا في خِصَالِهِ وَقَدَّمَهُ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها. وَعَنْهُ يُسْهَمُ له مُطْلَقًا نَصَّ عليه في رِوَايَةِ مُهَنَّا وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَجَزَمَ بِهِ في الْإِرْشَادِ وابن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ. قال أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ فَإِنْ كان على بَعِيرٍ فقال أَصْحَابُنَا له سَهْمَانِ سَهْمٌ له وَسَهْمٌ لِبَعِيرِهِ وَاخْتَارَه ابن عبدوس في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَإِدْرَاكِ الغاية [العناية] وَهُنَّ أَوْجُهٌ مُطْلَقَاتٌ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ. فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُسْهَمُ له يَكُونُ له سَهْمٌ بِلَا نِزَاعٍ وَلِبَعِيرِهِ سَهْمٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ. قال الزَّرْكَشِيُّ هو قَوْلُ الْعَامَّةِ. وقال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ كَفَرَسٍ. وقال الْقَاضِي في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ إنَّ حُكْمَ الْبَعِيرِ في الْإِسْهَامِ حُكْمُ الْهَجِينِ وهو مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في الْمُغْنِي.
فائدة: من شَرْطِ الْإِسْهَامِ لِلْبَعِيرِ أَنْ يَشْهَدَ عليه الْوَقْعَةَ وَأَنْ يَكُونَ مِمَّا يُمْكِنُ الْقِتَالُ عليه فَلَوْ كان ثَقِيلًا لَا يَصْلُحُ إلَّا لِلْحَمْلِ لم يَسْتَحِقَّ شيئا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ.
تنبيه: شَمَلَ قَوْلُهُ وَلَا يُسْهَمُ لِغَيْرِ الْخَيْلِ. الفيل [والفيل] وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وقال الْقَاضِي في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ حُكْمُ الْفِيلِ حُكْمُ الْبَعِيرِ. وقال الزَّرْكَشِيُّ وهو حَسَنٌ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. قال في الْخُلَاصَةِ وفي الْبَعِيرِ وَالْفِيلِ رِوَايَتَانِ. وقال في الْفُرُوعِ وَقِيلَ كَبَعِيرٍ وَقِيلَ سَهْمُ هَجِينٍ انْتَهَى. قُلْت لو قِيلَ سَهْمٌ لِلْفِيلِ كَالْعَرَبِيِّ لَكَانَ مُتَّجَهًا.
فائدة: لَا يُسْهَمُ لِلْبِغَالِ وَلَا لِلْحَمِيرِ بِلَا نِزَاعٍ. وَذَكَرَ الْقَاضِي في ضِمْنِ مَسْأَلَةِ الْبَعِيرِ أَنَّ أَحْمَدَ قال في رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ ليس لِلْبَغْلِ إلَّا النَّفَلُ. قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ هذا صَرِيحٌ بِأَنَّ الْبَغْلَ يَجُوزُ الرَّضْخُ له وهو قِيَاسُ الْأُصُولِ وَالْمَذْهَبِ فإن الذي يَنْتَفِعُ بِهِ وَلَا يُسْهَمُ له كَالْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ يُرْضَخُ لهم كَذَلِكَ الْحَيَوَانُ الذي يَنْتَفِعُ بِهِ وَلَا يُسْهَمُ له كَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ يَرْضَخُ لها. قال الْعَلَّامَةُ بن رَجَبٍ إنَّمَا قال أَحْمَدُ الْبَغْلُ لِلثِّقَلِ يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُعَدُّ لِلرُّكُوبِ في الْقِتَالِ بَلْ لِحَمْلِ الْأَثْقَالِ فَتَصَحَّفَ الثِّقَلُ بِالنَّفْلِ ثُمَّ زِيدَ فيه لَفْظَةُ ليس وإلا. قَوْلُهُ وَمَنْ دخل دَارَ الْحَرْبِ رَاجِلًا ثُمَّ مَلَكَ فَرَسًا أو اسْتَعَارَهُ أو اسْتَأْجَرَهُ وَشَهِدَ بِهِ الْوَقْعَةَ فَلَهُ سَهْمُ فَارِسٍ. يُسْهَمُ لِلْفَرَسِ الْمُسْتَعَارَةِ أو الْمُسْتَأْجَرَةِ بِلَا نِزَاعٍ فَسَهْمُ الْفَرَسِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ بِلَا نِزَاعٍ وَسَهْمُ الْفَرَسِ الْمُسْتَعَارَةِ لِلْمُسْتَعِيرِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها ذَكَرَهُ في الْفُرُوعِ في بَابِ الْعَارِيَّةِ وَعَنْهُ سَهْمُهُ لِلْمُعِيرِ.
فائدة: لو غَزَا على فَرَسٍ حَبِيسٍ اسْتَحَقَّ سَهْمَهُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَذَكَرَهُ في بَابِ الْعَارِيَّةِ.
تنبيه: ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَإِنْ دخل فَارِسًا فَنَفَقَ فَرَسُهُ أَيْ مَاتَ أو شَرَدَ حتى تَقَضَّى الْحَرْبُ فَلَهُ سَهْمُ رَاجِلٍ. أَنَّهُ لو صَارَ فَارِسًا بَعْدَ تَقَضِّي الْحَرْبِ وَقَبْلَ إحْرَازِ الْغَنِيمَةِ أَنَّ له سَهْمَ رَاجِلٍ وهو صَحِيحٌ لِأَنَّهُ أَنَاطَ الْحُكْمَ بِتَقَضِّي الْحَرْبِ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وَقِيلَ له سَهْمُ فَارِسٍ وَالْحَالَةُ هذه. قال الْخِرَقِيُّ الِاعْتِبَارُ بِحَالِ إحْرَازِ الْغَنِيمَةِ فَإِنْ أُحْرِزَتْ الْغَنِيمَةُ وهو رَاجِلٌ فَلَهُ سَهْمُ رَاجِلٍ وإذا أُحْرِزَتْ وهو فَارِسٌ فَلَهُ سَهْمُ فَارِسٍ. قال الشَّارِحُ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِحِيَازَةِ الْغَنِيمَةِ الِاسْتِيلَاءَ عليها فَيَكُونُ كَالْأَوَّلِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ جَمْعَ الْغَنِيمَةِ وَضَمَّهَا وَإِحْرَازَهَا. قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمُعْتَمَدُ أَصْلًا وهو أَنَّ الْغَنِيمَةَ تُمْلَكُ بِالْإِحْرَازِ على ظَاهِرِ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ لِأَنَّ بِهِ يَحْصُلُ تَمَامُ الِاسْتِيلَاءِ. فَعَلَى هذا إذَا جاء مَدَدٌ بَعْدَ ذلك أو انْفَلَتَ أَسِيرٌ فَلَا شَيْءَ له وَإِنْ وُجِدَ قبل ذلك شَارَكَهُمْ. وَعَنْ الْقَاضِي أَنَّ الْغَنِيمَةَ تُمْلَكُ بِانْقِضَاءِ الْحَرْبِ وَإِنْ لم تُحْرَزْ الْغَنِيمَةُ انْتَهَى. وَتَقَدَّمَ ذلك قَرِيبًا فِيمَا إذَا لَحِقَ مَدَدٌ وَفِيمَا إذَا تَغَيَّرَ حَالُهُمْ قبل تَقَضِّي الْحَرْبِ. وَمَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُخْتَلِفٌ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ الْفَرْقُ بين ذَيْنِك الْمَوْضِعَيْنِ وَبَيْنَ هذا الْمَوْضِعِ. قَوْلُهُ وَإِنْ غَصَبَ فَرَسًا فَقَاتَلَ عليه فَسَهْمُ الْفَرَسِ لِمَالِكِهِ. هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قال وَيُحْتَمَلُ أَنَّ سَهْمَهُ لِغَاصِبِهِ وَعَلَيْهِ أُجْرَتُهُ لِرَبِّهِ. وَيَأْتِي إذَا غَصَبَ فَرَسًا وَكَسَبَ عليه في الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ وفي الْغَصْبِ وفي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. وَتَأْتِي هذه الْمَسْأَلَةُ أَيْضًا في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في بَابِ الْغَصْبِ.
تنبيه: أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ يُسْهَمُ لِلْفَرَسِ الْمَغْصُوبَةِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقِيلَ لَا رَضْخَ لها وَلَا سَهْمَ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو بَعِيدٌ.
تنبيه: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يُسْهَمُ لها وَلَوْ كان غَاصِبُهَا من أَصْحَابِ الرَّضْخِ وهو صَحِيحٌ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ. وَقِيلَ بَلْ يَرْضَخُ لها وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ. وَقِيلَ لَا يُسْهَمُ لها وَلَا يَرْضَخُ كما تَقَدَّمَ. وقال في الْفُرُوعِ في بَابِ الْعَارِيَّةِ وَسَهْمُ فَرَسٍ مَغْصُوبٍ كَصَيْدِ جَارِحٍ مَغْصُوبٍ. وقال في بَابِ الْغَصْبِ إذَا صَادَ بِالْجَارِحِ هل يَرُدُّ صَيْدَهُ أو أُجْرَتَهُ أو هُمَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ وَأَطْلَقَهُنَّ.
فائدة: ليس لِلْأَجِيرِ لِحِفْظِ الْغَنِيمَةِ رُكُوبُ دَابَّةٍ من الْغَنِيمَةِ إلَّا بِشَرْطٍ. قَوْلُهُ وإذا قال الْإِمَامُ من أَخَذَ شيئا فَهُوَ له أو فَضَّلَ بَعْضَ الْغَانِمِينَ على بَعْضٍ لم يَجُزْ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وإذا قال الْإِمَامُ من أَخَذَ شيئا فَهُوَ له فَفِي جَوَازِهِ رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ. إحْدَاهُمَا لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا وهو الْمَذْهَبُ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ. والثانية [والثاني] يَجُوزُ مُطْلَقًا وَقِيلَ يَجُوزُ لِمَصْلَحَةٍ وَإِلَّا فَلَا صَحَّحَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَحَكَيَاهُ رِوَايَةً. قُلْت وهو الصَّوَابُ وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ وَغَيْرُهُ إنْ بَقِيَ ما لَا يُبَاعُ وَلَا يُشْتَرَى فَهُوَ لِمَنْ أَخَذَهُ.
فائدة: لو تَرَكَ صَاحِبُ الْقَسْمِ شيئا من الْغَنِيمَةِ عَجْزًا عن حَمْلِهِ فقال الْإِمَامُ من أَخَذَ شيئا فَهُوَ له فَهُوَ لِمَنْ أَخَذَهُ نَصَّ عليه أَحْمَدُ. وَسُئِلَ عن قَوْمٍ غَنِمُوا غَنَائِمَ كَثِيرَةً فَتَبَقَّى جَزْءٌ من الْمَتَاعِ مِمَّا لَا يُبَاعُ وَلَا يُشْتَرَى فَيَدَعُهُ الْوَالِي بِمَنْزِلَةِ الْفَخَّارِ وما أشبهه [أشبه] أَيَأْخُذُهُ الْإِنْسَانُ لِنَفْسِهِ قال نعم إذَا تَرَكَ ولم يَشْتَرِ. وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ في الْمَتَاعِ لَا يَقْدِرُونَ على حَمْلِهِ إذَا حَمَلَهُ يُقْسَمُ. قال الْخَلَّالُ لَا أَشُكُّ أَنَّ احمد قال هذا أو لَا ثُمَّ تَبَيَّنَ له بَعْدَ ذلك أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُبِيحَهُ. الثَّانِيَةُ لو أَخَذَ ما لَا قِيمَةَ له في أَرْضِهِمْ كَالْمِسَنِّ وَالْأَقْلَامِ وَالْأَدْوِيَةِ كان له وهو أَحَقُّ بِهِ وَإِنْ صَارَ له قِيمَةٌ بِمُعَالَجَتِهِ أو نَقْلِهِ نَصَّ أَحْمَدُ على نَحْوِهِ وَقَالَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا. وَتَقَدَّمَ بَعْضُ ذلك في آخِرِ الْبَابِ الذي قَبْلَهُ في جَوَازِ الْأَكْلِ. وَأَمَّا إذَا فَضَّلَ بَعْضَ الْغَانِمِينَ على بَعْضٍ فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ في جَوَازِهِ رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا بن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَمَحَلُّهُمَا إذَا كان لِمَعْنًى في الْمُعْطَى كَالشَّجَاعَةِ وَنَحْوِهَا. فَإِنْ كان لَا لِمَعْنًى له فيه لم يَجُزْ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِنْ كان لِمَعْنًى فيه ولم يَشْرِطْهُ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَوَازُ ذلك جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَتَقَدَّمَ ال تنبيه: على ذلك في الْبَابِ الذي قَبْلَهُ عِنْدَ ذِكْرِ النَّفْلِ. قَوْلُهُ وَمَنْ اُسْتُؤْجِرَ لِلْجِهَادِ مِمَّنْ لَا يَلْزَمُهُ من الْعَبِيدِ وَالْكُفَّارِ فَلَيْسَ له إلَّا الْأُجْرَةُ. اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا اُسْتُؤْجِرَ من لَا يَلْزَمُهُ الْجِهَادُ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا صِحَّةُ الْإِجَارَةِ وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ. قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَإِنْ اُسْتُؤْجِرَ من لَا يَلْزَمُهُ بِحُضُورِهِ كَعَبْدٍ. وَامْرَأَةٍ صَحَّ في الْأَظْهَرِ وَإِنْ اسْتَأْجَرَ الْإِمَامُ كَافِرًا صَحَّ على الْأَصَحِّ. وَجَزَمَ في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ بِصِحَّةِ إجَارَةِ الْكَافِرِ لِلْجِهَادِ وقال وَبَنَاهُ بَعْضُهُمْ على أَنَّهُمْ هل هُمْ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الْإِسْلَامِ أَمْ لَا. وقال في التَّرْغِيبِ يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ الْإِمَامِ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ عِنْدَ الْحَاجَةِ. وقال في الْبُلْغَةِ وَلَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ غَيْرِ الْإِمَامِ لهم انْتَهَى. وَعَنْهُ لَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَحَمَلَ الْقَاضِي كَلَامَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيِّ على الِاسْتِئْجَارِ لِخِدْمَةِ الْجَيْشِ. فَعَلَى الْأُولَى ليس لهم إلَّا الْأُجْرَةُ كما جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْبُلْغَةِ وَغَيْرُهُمْ. قال في الْفُرُوعِ فَلَا يُسْهَمُ لهم على الْأَصَحِّ. قال الشَّارِحُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ يُسْهَمُ لهم اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وأبو بَكْرٍ عبد الْعَزِيزِ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَأَطْلَقَهُمَا. وَعَنْهُ يُسْهَمُ لِلْكَافِرِ وَقِيلَ يَرْضَخُ لهم.
تنبيه: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ من يَلْزَمُهُ الْجِهَادُ من الرِّجَالِ الْأَحْرَارِ لَا تَصِحُّ إجَارَتُهُمْ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمَذْهَبِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ. وَعَنْهُ تَصِحُّ وهو ظَاهِرُ ما ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ في الْمُغْنِي وَحَمَلَهُ الْقَاضِي على ما تَقَدَّمَ.
تنبيه: مَحَلُّ الْخِلَافِ في ذلك إذَا لم يَتَعَيَّنْ عليه فَإِنْ تَعَيَّنَ عليه ثُمَّ اُسْتُؤْجِرَ لم يَصِحَّ قَوْلًا وَاحِدًا صَرَّحَ بِهِ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا وَحَمَلَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَ الْخِرَقِيِّ عليه. فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَرُدُّ الْأُجْرَةَ وَيُسْهَمُ لهم. وَعَلَى الثَّانِيَةِ لَا يُسْهَمُ لهم على الصَّحِيحِ. وَعَنْهُ يُسْهَمُ لهم اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ. قال في الرِّعَايَةِ وَعَنْهُ يُسْهَمُ له إذَا حَضَرَ الْقِتَالَ مع الْأُجْرَةِ. قَوْلُهُ وَمَنْ مَاتَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ فَسَهْمُهُ لِوَارِثِهِ. هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَصَّ عليه. قال في الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةَ عَشْرَ لو مَاتَ أَحَدُهُمْ قبل الْقِسْمَةِ وَالِاخْتِيَارِ الْمَنْصُوصُ أَنَّ حَقَّهُ يَنْتَقِلُ إلَى وَرَثَتِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي أَنَّهُ مُوَافِقٌ على ذلك. وقال في الْبُلْغَةِ ولم أَجِدْ لِأَصْحَابِنَا في هذا الْفَرْعِ خِلَافًا وَاَلَّذِي يَقْوَى عِنْدِي أنا مَتَى قُلْنَا لم يَمْلِكُوهَا وَإِنَّمَا لهم حَقُّ التَّمَلُّكِ أَنْ لَا يُورَثَ فإن التَّوْرِيثَ يُذْكَرُ على الْوَجْهِ الثَّانِي وَفُرُوعِهِ بِالْإِبْطَالِ فإن من اخْتَارَ جَعَلَهُمْ كَالشَّفِيعِ. وقال في التَّرْغِيبِ إنْ قُلْنَا لَا يَمْلِكُ بِدُونِ الِاخْتِيَارِ فَمَنْ مَاتَ قَبْلَهُ فَلَا شَيْءَ له وَلَا يُورَثُ عنه كَحَقِّ الشُّفْعَةِ. وَيُحْتَمَلُ على هذا أَنْ يُقَالَ يكتفي بِالْمُطَالَبَةِ في مِيرَاثِ الْحَقِّ كَالشُّفْعَةِ.
تنبيه: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمَيِّتَ يَسْتَحِقُّ سَهْمَهُ بِمُجَرَّدِ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ سَوَاءٌ أُحْرِزَتْ الْغَنِيمَةُ أَمْ لَا وَيَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْقَاضِي قَالَهُ في الشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال بَعْدَ ذلك وَوَارِثٌ كَمُورِثِهِ نَصَّ عليه. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ قبل حِيَازَةِ الْغَنِيمَةِ لِأَنَّهُ مَاتَ قبل ثُبُوتِ مِلْكِ الْمُسْلِمِينَ عليها وَاقْتَصَرَ عليه الزَّرْكَشِيُّ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَنَصَرَهُ. قَوْلُهُ وإذا قُسِمَتْ الْغَنِيمَةُ في أَرْضِ الْحَرْبِ فَتَبَايَعُوهَا ثُمَّ غَلَبَ عليها الْعَدُوُّ فَهِيَ من مَالِ الْمُشْتَرِي في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ اخْتَارَهَا الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ. وهو الْمَذْهَبُ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ. وقال في الْخُلَاصَةِ فَهِيَ من مَالِ الْمُشْتَرِي على الْأَصَحِّ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ. قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ. الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى من مَالِ الْبَائِعِ اخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِرْشَادِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَالْقَوَاعِدِ.
تنبيه: قَيَّدَ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي الْخِلَافَ بِمَا إذَا لم يَحْصُلْ تَفْرِيطٌ من الْمُشْتَرِي اما إذَا حَصَلَ منه تَفْرِيطٌ مِثْلَ ما إذَا خَرَجَ بِمَا اشْتَرَاهُ من الْمُعَسْكَرِ وَنَحْوِهِ فإنه من ضَمَانِهِ وَتَبِعَهُ في الشَّرْحِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُرَادُ من أَطْلَقَ.
تنبيه: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُمْ لو تَبَايَعُوا شيئا من غَيْرِ الْغَنِيمَةِ أَنَّهُ من ضَمَانِ الْمُشْتَرِي قَوْلًا وَاحِدًا وهو صَحِيحٌ. قال الزَّرْكَشِيُّ وهو الذي ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ وَالشَّيْخَانِ وأبو الْخَطَّابِ وَنُصُوصُ أَحْمَدَ إنَّمَا وَرَدَتْ في ذلك. قال وَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي في كِتَابِهِ الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّ الْمَسْأَلَتَيْنِ حُكْمُهُمَا وَاحِدٌ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ جَارٍ فِيهِمَا فإنه تَرْجَمَ الْمَسْأَلَةَ فِيمَا إذَا تَبَايَعَ نَفْسَانِ في دَارِ الْحَرْبِ وَتَقَابَضَا. وَعَلَّلَ رِوَايَةَ الضَّمَانِ على الْبَائِعِ بانه إذَا كانت حَالَ خَوْفٍ فَالْقَبْضُ غَيْرُ. حَاصِلٍ بِدَلِيلِ ما لو ابْتَاعَ شيئا في دَارِ الْإِسْلَامِ وَسَلَّمَهُ في مَوْضِعٍ فيه قُطَّاعُ طَرِيقٍ لم يَكُنْ ذلك قَبْضًا صَحِيحًا وَيَتْلَفُ من مَالِ الْبَائِعِ فَكَذَلِكَ هُنَا. وَهَذِهِ التَّرْجَمَةُ وَالتَّعْلِيلُ يَشْمَلُ الْغَنِيمَةَ وَغَيْرَهَا انْتَهَى. قال في الْقَاعِدَةِ الْحَادِيَةِ وَالْخَمْسِينَ خَصَّ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ الْخِلَافَ بِمَالِ الْغَنِيمَةِ وَحَكَى بن عَقِيلٍ في تَبَايُعِ الْمُسْلِمِينَ أَمْوَالَهُمْ بَيْنَهُمْ بِدَارِ الْحَرْبِ إذَا غَلَبَ عليها الْعَدُوُّ قبل قَبْضِهِ وَجْهَيْنِ كَمَالِ الْغَنِيمَةِ. واما ما بِيعَ في دَارِ الْإِسْلَامِ في زَمَنِ نَهْبٍ وَنَحْوِهِ فَمَضْمُونٌ على الْمُشْتَرِي قَوْلًا وَاحِدًا ذكره كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ كَشِرَاءِ ما يَغْلِبُ على الظَّنِّ هَلَاكُهُ. قَوْلُهُ وَمَنْ وطىء جَارِيَةً من الْمَغْنَمِ مِمَّنْ له فيها حَقٌّ أو لِوَلَدِهِ أُدِّبَ ولم يُبْلَغْ بِهِ الْحَدُّ وَعَلَيْهِ مَهْرُهَا. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وقال الْقَاضِي يَسْقُطُ عنه من الْمَهْرِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ كَالْجَارِيَةِ المشتركة [المشترية] وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ. قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَلِدَ منه فَيَكُونُ عليه قِيمَتُهَا وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ له. إذَا أَوْلَدَ جَارِيَةً من الْمَغْنَمِ له فيها حَقٌّ أو لِوَلَدِهِ لم يَلْزَمْهُ إلَّا قِيمَتُهَا فَقَطْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَالْمُصَنِّفِ هُنَا. وَعَنْهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا وَمَهْرَهَا أَيْضًا. قال الزَّرْكَشِيُّ وَلَعَلَّ مَبْنَاهُمَا على أَنَّ الْمَهْرَ هل يَجِبُ بِمُجَرَّدِ الْإِيلَاجِ فَيَجِبُ الْمَهْرُ أو لَا يَجِبُ إلَّا بِتَمَامِ الْوَطْءِ وهو النَّزْعُ فَلَا يَجِبُ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَمَّ وَهِيَ في مِلْكِهِ انْتَهَى. وَعَنْهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا أو مَهْرَهَا وَوَلَدَهَا. وقال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ وَلَزِمَهُ منه ما زَادَ على حَقِّهِ منها وَإِنْ رَجَعَتْ له لم يَرُدَّ إلَيْهِ مَهْرَهَا انْتَهَى. قال الْقَاضِي إذَا صَارَ نِصْفُهَا أُمَّ وَلَدٍ يَكُونُ الْوَلَدُ كُلُّهُ حُرًّا وَعَلَيْهِ قِيمَةُ نِصْفِهِ. وَحَكَى أبو بَكْرٍ رِوَايَةً أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قِيمَةُ الْوَلَدِ ذَكَرَهُ في الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ. هذا الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ عن أَحْمَدَ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ. وقال الْقَاضِي في خِلَافِهِ لَا تَصِيرُ مُسْتَوْلَدَةً له وَإِنَّمَا يَتَعَيَّنُ حَقُّهُ فيها لِأَنَّ حَمْلَهَا بِحُرٍّ يَمْنَعُ بَيْعَهَا وفي تَأْخِيرِ قَسْمِهَا حتى تَضَعَ ضَرَرٌ على أَهْلِ الْغَنِيمَةِ فَوَجَبَ تَسْلِيمُهَا إلَيْهِ من حَقِّهِ. قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وهو بَعِيدٌ جِدًّا. وقال الْقَاضِي أَيْضًا إنْ كان مُعْسِرًا حَسَبَ قَدْرِ حِصَّتِهِ من الْغَنِيمَةِ فَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ وَبَاقِيهَا رَقِيقٌ لِلْغَانِمِينَ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ. وَلِأَبِي الْخَطَّابِ في انْتِصَارِهِ طَرِيقَةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنْ لَا يَنْفُذَ اسْتِيلَاؤُهَا لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ فيها وَأَنْ يَنْفُذَ إعْتَاقُهَا كما يَنْفُذُ اسْتِيلَاءُ الِابْنِ في أَمَةِ أبيه دُونَ إعْتَاقِهَا وهو ظَاهِرُ ما ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ. وَحَكَى في تَعْلِيقِهِ على الْهِدَايَةِ احْتِمَالًا آخَرَ بِالْفَرْقِ بين أَنْ تَكُونَ الْغَنِيمَةُ جِنْسًا وَاحِدًا أو أَجْنَاسًا كما ذَكَرَهُ في الْعِتْقِ انْتَهَى. قَوْلُهُ وَمَنْ أَعْتَقَ منهم عَبْدًا عَتَقَ عليه قَدْرُ حَقِّهِ وَقُوِّمَ عليه بَاقِيهِ إنْ كان مُوسِرًا وَكَذَلِكَ إنْ كان فِيهِمْ من يَعْتِقُ عليه. وَهَذَا الْمَذْهَبُ فيهما [فيها] وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في. الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ. وقال الْقَاضِي في خِلَافِهِ لَا يَعْتِقُ حتى يَسْبِقَ تَمَلُّكُهُ لَفْظًا. وَوَافَقَ أبو الْخَطَّابِ في انْتِصَارِهِ الْقَاضِي لَكِنَّهُ أَثْبَتَ الْمِلْكَ بِمُجَرَّدِ قَصْدِ التَّمَلُّكِ. وقال في الْإِرْشَادِ لو أَعْتَقَ جَارِيَةً قبل الْقِسْمَةِ لم تَعْتِقْ فَإِنْ حَصَلَتْ له بَعْدَ ذلك بِالْقِسْمَةِ عَتَقَتْ إنْ كانت قَدْرَ حَقِّهِ وَإِلَّا قُوِّمَ عليه الْبَاقِي إنْ كان مُوسِرًا وَإِلَّا عَتَقَ قَدْرُ حَقِّهِ انْتَهَى. وقال الْمَجْدُ في الْمُحَرَّرِ وَعِنْدِي إنْ كانت الْغَنِيمَةُ جِنْسًا وَاحِدًا فَكَالْمَنْصُوصِ وَإِنْ كانت أَجْنَاسًا فَكَقَوْلِ الْقَاضِي. وقال في الْبُلْغَةِ إذَا وَقَعَ في الْغَنِيمَةِ من يَعْتِقُ على بَعْضِ الْغَانِمِينَ فَهَلْ يَعْتِقُ عليه فيه ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ. الثَّالِثَةُ يَكُونُ مَوْقُوفًا إنْ تَعَيَّنَ سَهْمُهُ في الرَّقِيقِ عَتَقَ عليه وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ وَالْغَالُّ من الْغَنِيمَةِ يُحَرِّقُ رَحْلَهُ. سَوَاءٌ كان ذَكَرًا أو أُنْثَى مُسْلِمًا أو ذِمِّيًّا إلَّا السِّلَاحَ وَالْمُصْحَفَ وَالْحَيَوَانَ. وَكَذَا نَفَقَتُهُ يَعْنِي يَجِبُ حَرْقُ ذلك وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ ولم يَسْتَثْنِ الْخِرَقِيُّ وَالْآجُرِّيُّ من التَّحْرِيقِ إلَّا الْمُصْحَفَ وَالدَّابَّةَ وقال هو قَوْلُ أَحْمَدَ. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَبَعْضُ الْأَصْحَابِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ تَحْرِيقَ رِجْلِ الْغَالِّ من بَابِ التَّعْزِيرِ لَا الْحَدِّ فَيَجْتَهِدُ الْإِمَامُ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ. قال في الْفُرُوعِ وَهَذَا أَظْهَرُ. قُلْت وهو الصَّوَابُ.
تنبيهان: أَحَدُهُمَا مُرَادُهُ بِالْحَيَوَانِ الْحَيَوَانُ بِآلَتِهِ من سَرْجٍ وَلِجَامٍ وَحَبْلٍ وَرَحْلٍ وَغَيْرِ ذلك نَصَّ عليه وَقَالَهُ الْأَصْحَابُ قال في الرِّعَايَةِ وَعَلَفِهَا. الثَّانِي ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يُحَرِّقُ كُتُبَ الْعِلْمِ وَثِيَابَهُ التي عليه وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُمَا لَا يُحَرَّقَانِ. قال في الْفُرُوعِ وَالْأَصَحُّ لَا يُحَرِّقُ كُتُبَ عِلْمِ وَثِيَابَهُ التي عليه وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ. وَجَزَمَ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ أَنَّ ثِيَابَهُ التي عليه لَا تُحَرَّقُ وقال في كُتُبِ الْعِلْمِ وَالْحَدِيثِ يَنْبَغِي أَنْ لَا تُحَرَّقَ انْتَهَيَا. وَقِيلَ تُحَرَّقُ ثِيَابُهُ إلَّا ما يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ فَقَطْ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَالنَّظْمِ. قال في الْبُلْغَةِ إلَّا الْمُصْحَفَ وَالْحَيَوَانَ وَثِيَابَ سُتْرَتِهِ.
فوائد: الْأُولَى ما لم تَأْكُلْهُ النَّارُ يَكُونُ لِرَبِّهِ وَكَذَا ما اسْتَثْنَى من التَّحْرِيقِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ يُبَاعُ الْمُصْحَفُ وَيُتَصَدَّقُ بِهِ وَهُمَا احْتِمَالَانِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ. الثَّانِيَةُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ سَهْمَهُ من الْغَنِيمَةِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ. وَعَنْهُ يَحْرُمُ سَهْمُهُ اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ. الثَّالِثَةُ يُؤْخَذُ ما غَلَّهُ من الْمَغْنَمِ فَإِنْ تَابَ قبل الْقِسْمَةِ رَدَّ لِلْمَغْنَمِ وَإِنْ تَابَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ رَدَّ خُمُسَهُ لِلْإِمَامِ وَتَصَدَّقَ بِالْبَاقِي نَصَّ عليه. وقال الْآجُرِّيُّ يَأْتِي بِهِ الْإِمَامُ فَيَصْرِفُهُ في مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ . قُلْت وهو الصَّوَابُ. الرَّابِعَةُ يُشْتَرَطُ لِإِحْرَاقِ رَحْلِهِ أَنْ يَكُونَ الْغَالُّ حَيًّا نَصَّ عليه حُرًّا مُكَلَّفًا وَلَوْ كان ذِمِّيًّا أو امْرَأَةً صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وهو ظَاهِرُ الْفُرُوعِ. قال في الْفُرُوعِ وَالْمُرَادُ مُلْزَمًا ذَكَرَهُ الآدمي الْبَغْدَادِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ. وقال في الرِّعَايَةِ مُسْلِمًا. وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ لَا يَكُونَ بَاعَهُ وَلَا وَهَبَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وَقِيلَ يُحَرِّقُ بَعْدَ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ أَيْضًا وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَبَنَيَاهُمَا على صِحَّةِ الْبَيْعِ وَعَدَمِهِ فَإِنْ صَحَّ الْبَيْعُ لم يُحَرِّقْ وَإِلَّا حَرَّقَ وَأَطْلَقَهُمَا في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ. الْخَامِسَةُ يُعَزَّرُ الْغَالُّ أَيْضًا مع إحْرَاقِ رَحْلِهِ بِالضَّرْبِ وَنَحْوِهِ لَكِنْ لَا ينفي نَصَّ عليه.
تنبيهان: أَحَدُهُمَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّ السَّارِقَ من الْغَنِيمَةِ لَا يُحَرَّقُ رَحْلُهُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ. وَقِيلَ حُكْمُهُ حُكْمُ الْغَالِّ جَزَمَ بِهِ في التَّبْصِرَةِ وَأَنَّهُ سَوَاءٌ كان له سَهْمٌ أو لَا. الثَّانِي ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا أَنَّ من سَتَرَ على الْغَالِّ أو أَخَذَ منه ما أُهْدِيَ له منها أو بَاعَهُ أَمَامَهُ أو حَابَاهُ لَا يَكُونُ غَالًّا وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ إلَّا الْآجُرِّيَّ فإنه قال هو غَالٌّ أَيْضًا. الثَّالِثُ لو غَلَّ عَبْدٌ أو صَبِيٌّ لم يُحَرَّقْ رَحْلُهُمَا بِلَا نِزَاعٍ. قَوْلُهُ وما أُخِذَ من الْفِدْيَةِ أو أَهْدَاهُ الْكُفَّارُ لِأَمِيرِ الْجَيْشِ أو بَعْضِ قُوَّادِهِ فَهُوَ غَنِيمَةٌ بِلَا خِلَافٍ نَعْلَمُهُ. فَأَمَّا ما أَهْدَاهُ الْكُفَّارُ لِأَمِيرِ الْجَيْشِ أو بَعْضِ قُوَّادِهِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُهْدَى في أَرْضِ الْحَرْبِ أو لَا فَإِنْ أهدى في دَارِ الْحَرْبِ فَهُوَ غَنِيمَةٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كما جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ هو لِمَنْ أُهْدِيَ له. وَعَنْهُ هو فَيْءٌ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ وَجَزَمَ بِه ابن عقيل في تَذْكِرَتِهِ. وَإِنْ أهدى من دَارِ الْحَرْبِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَقِيلَ هو لِمَنْ أهدى له جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَقِيلَ هو فَيْءٌ.
فائدتان: إحْدَاهُمَا إذَا أهدى لِبَعْضِ الْغَانِمِينَ في دَارِ الْحَرْبِ فَقِيلَ هو غَنِيمَةٌ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ. وَعَنْهُ يَكُونُ لِمَنْ أهدى له قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقِيلَ إنْ كان بَيْنَهُمَا مُهَادَاةٌ فَلَهُ وَإِلَّا فَغَنِيمَةٌ وهو احْتِمَالٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ. وَإِنْ كان أُهْدِيَ إلَيْهِ في دَارِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ له. الثَّانِيَةُ لو أَسْقَطَ بَعْضُ الْغَانِمِينَ حَقَّهُ وَلَوْ كان مُفْلِسًا فَهُوَ لِلْبَاقِينَ وفي الشُّفْعَةِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ. قُلْت الْأَوْلَى أَنَّهُ يَسْقُطُ مِلْكُ الْمُتَمَلِّكِ وفي مِلْكِهِ بِتَمَلُّكِهِ قبل الْقِسْمَةِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ. قال الْقَاضِي لَا يَمْلِكُونَ قبل الْقِسْمَةِ وَإِنَّمَا يَمْلِكُونَ إنْ تَمَلَّكُوا. وقال أَيْضًا لِأَنَّ الْغَنِيمَةَ إذَا قُسِمَتْ بَيْنَهُمْ لم يَمْلِكْ حَقَّهُ منها إلَّا بِالِاخْتِيَارِ وهو أَنْ يَقُولَ اخْتَرْت تَمَلُّكَهَا فإذا اخْتَارَهُ مَلَّكَهُ حَقَّهُ. قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَهَذَا ليس بِصَحِيحٍ. قُلْت وهو الصَّوَابُ. وَإِنْ أَسْقَطَ كُلٌّ من الْغَانِمِينَ حَقَّهُ فَهُوَ فَيْءٌ.
|